محمد حمدى

تجليات عبد المنعم سعيد

الأحد، 19 يوليو 2009 04:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مساحات الاتفاق السياسى مع الدكتور عبد المنعم سعيد، تكاد تكون هى نفس مساحات الاختلاف، ففى حين أتفق معه على أهمية الدولة المدنية التى تجعل المواطنة أساساً للحقوق والواجبات، نختلف فى التوجه الاقتصادى لهذه الدولة الذى يراه الدكتور عبد المنعم فى اقتصاديات السوق، بينما أعتقد أنه فى بلد مثل مصر يجب المزج بين الرأسمالية والاشتراكية، أى الجمع بين حرية السوق والعدالة الاجتماعية الحقيقية، وضرورة وضوح دور الدولة بشكل قوى فى هذا الإطار.

لكن الاختلاف لا يمنع الإعجاب بطريقة الدكتور عبد المنعم فى الكتابة للناس، فرغم أنه أكاديمى وباحث فى الأساس الأول لكنه يختار كلماته بعناية مركزاً على المفردات البسيطة السهلة لإيصال أفكاره لأكبر عدد من الناس، وهو أمر يجانب الكثير من الباحثين السياسيين المصريين.

وقبل عدة أيام شاهدت الدكتور عبد المنعم مصادفة فى برنامج العاشرة مساء، ورغم أننى لست من هواة مشاهدة هذا البرنامج، فقد استمتعت كثيراً بعدد من الرؤى والطروحات التى قدمها الضيف، وخاصة حديثه عن العدالة الاجتماعية، وكلامه عن أن الدولة التى تفتخر بأن ستين بالمائة من شعبها يملكون بطاقات تموينية، تعانى خطباً ما لأن هذا دليل على زيادة حدة الفقر، والمفترض علاج مسببات الفقر وليس التعامل مع أعراضه، وهذا صحيح جدا.

لا أعرف الدكتور عبد المنعم سعيد عن قرب، رغم أنه رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية التى أعمل بها، لكننى أقرأ باستمرار ما يكتبه منذ سنوات، ويعجبنى دائما اقترابه السريع من صلب المشاكل، وانتقاد بعض سياسات الحزب الوطنى رغم أنه عضو بأمانة سياساته، وأتذكر أنه كتب مقالاً فى "نهضة مصر" ينتقد فيه طريقة تنفيذ الإصلاحات السياسية، وكيف أنها تبدأ داخل الحزب بأفق كبير لكنها تنتهى بشكل مختلف حتى أنه وصفها بأنها أصبحت مثل التنكونولوجيا تبدأ من الجيل الأول وتنتهى بجيل ثالث مختلف كثيراً عما خطط لها.

وأعتقد أن الدكتور عبد المنعم سعيد فى حديثه عن الفقر والدعم فى العاشرة مساء، طرح موضوعاً مهماً قد لا يعجب معظم الناس وهو مستقبل الدعم، ورغم أنه لم يتطرق إلى الموضوع بالتفصيل، لكن قضية الدعم تحتاج إلى مقاربة مختلفة للتعامل معها، وأعتقد أن موضوع الدعم يجب أن يرتبط بمشروعين مهمين على الساحة، الأول هو الألف قرية الأكثر فقرا، والثانى السياسات الاجتماعية المجمعة التى عقد من أجلها مؤتمر قبل أيام.

وحين حدث التحول العالمى من الاشتراكية إلى اقتصاديات السوق عقب انهيار الاتحاد السوفيتى شهدنا تجارب عالمية ناجحة للتعامل مع قضية الدعم. أبرزها التجربة المكسيكية التى حولت الدعم إلى سياسات تنموية متكاملة، بحيث يرتبط الدعم بتعليم الطفال وتغذيتهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا.

فى المكسيك لا يوجد دعم بالمطلق ولكل الناس الغنى.. والفقير، وإنما للفئات الفقيرة فقط، حيث يوجه الدعم إلى ألبان الأطفال حديثى الولادة، وإلى كل طفل يدخل المدرسة، وإلى برنامج صحى لرعاية هذا الطفل، وتزداد قيمة الدعم كلما تقدم الطفل فى مراحل الدراسة.. وبهذا حلت المكسيك مشاكل الأمية والتسرب من التعليم، وسوء التغذية.

قد لا يكون هذا النظام هو الأمثل لمصر، وهناك أنظمة أخرى تهتم بدعم فرص العمل للفقراء، ودعم مشروعات صغيرة تدر عليها دخلاً، مما يؤدى إلى تقليل حدة الفقر، والحد من البطالة، وأعتقد أن هنا يأتى دور الدكتور عبد المنعم سعيد بإشرافه على أهم مركز للدراسات السياسية والاستراتيجية فى مصر لتقديم دراسات جادة فى مثل هذه الموضوعات والتحول إلى بيت خبرة حقيقى تستعين به الحكومة فى رسم السياسات المستقبلية، أو من خلال لجنة السياسات بالحزب الوطنى التى يجب عليها الاعتماد بشكل دائم على دراسات المراكز البحثية الجادة والمحترمة فى طرح السياسات والرؤى الجديدة، وفى إشاعة تيار من الوعى لدى الرأى العام، وإحداث أكبر قدر من المشاركة الشعبية فى أى قرار قبل تحويله من فكرة إلى قانون يتفسر على الأرض.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة