مجتمعات مصابة بالفشل.. مجتمعات منحلة.. مجتمعات آخرها الفشل.. مجتمعات أصيبت بعلل لا يوجد لها لقاح ولا دواء..! ألا وهذه المجتمعات هى مجتمعات العرب، فمجتمعاتنا قد أصيبت وضربت فى عمودها الفقرى قبل أن تضرب فى هيكلها ولكنها قد ضربت برصاصة لعينة مستهدفة ليست طائشة وقد أصابتها بالفعل.
فهذه الرصاصة قد أتت لنا من المجتمعات الغربية وهى مليئة بمقذوفات كل قذيفة فيها تحتوى على صاعق موقوت مثل القنبلة الموقوتة والتى للأسف استهدفت الكثير مما بداخلنا من ديننا أولا ومبادئنا، وطباعنا الجميلة إلى ثقافتنا وثرواتنا التى يجب أن نكون حريصين على حفظها أشد الحرص، فنحن كلنا نعلم أن خطرا قد ألم بأمتنا واستهدفها من حيث ثرواتها سواء إن كانت مادية أو اجتماعية أو أخلاقية ولكن لم نحاول الوقوف أمام هذا الخطر وتصليح أخطاء قد أحاطت بنا تحسبا لبناء مجتمع جديد سيعيش فيه أبناؤنا أو جيل قادم من بعدنا؛ فنحن من الآن نعيش عصورا كثيرة فى عصر واحد؛ نحن فى عصر ارتفاع الأسعار وعصر الأوبئة.
وأيضا فى عصر الحروب الداخلية وعصر الأخلاقيات المنحلة والعنف كله فى آن واحد.. فيا ترى بماذا سيعيش أبناء الجيل القادم؟.. هل هناك عصور أخرى سيعيشونها لم ترد علينا؟.. أم أنهم سيجنون ما زرعه وخلفه آباؤهم من رؤساء وحكام دول إلى مواطنين؟.. ونظرا لذلك فإنى أستغرب كثيرا عندما يدور بينى وبين كل من أقابله حوار عادى يقول فيه: نحن فى زمن كذا وكذا، وأحل به كذا ومش عارفين ينصلح حالنا لدرجة تصل أنت بداخلك عن اقتناع أن هذا الذى يحدثك لا يوجد به عيوب وأنه إنسان كامل يمشى على الأرض!.
ا
لغريب أن ترى الكل يسأل أسئلة واحدة تفيد بأن أخلاقهم اختلفت "ومش لاقيين حل"؛ وحينما تجيبهم بأن يبدأوا بأنفسهم وعن طريقهم سينصلح حال غيرهم تجد منهم الضحك للركب والاسطوانه المحفوظه لدى الجميع ألا وهى: "هو أنا لوحدى هغير الدنيا؛ يا عم دماغك أهى ماشيه على كده لما نشوفها واخدانا على فين"..
ولكنى فعلا أجيب الجميع بأن الحل فعلا يكمن بداخلنا وينبع منا فيجب أن نغير من أنفسنا ونبدأ بها.. نعمل جاهدين على إعادة تأهيل لعمودنا الفقرى الذى انكسر ثم بعدها نشير بأصابع الاتهام إلى غيرنا.
فنحن أمة انحلت أخلاقها من أثر استقطاب سلبيات عرضت علينا بدخائل سريعة لم نكن مؤهلين جيدا للوقوف أمامها بثبات وهى دخول القنوات الفضائية والنت وتبادل الثقافات عن طريق المهاجرين ولم نستقطب الإيجابيات منها؛ ولكن الطريف أننا- كعرب- تركنا أنفسنا لهذه التيارات الغربية وتأثرنا بها، حتى قد وصل التأثير نفسه للتقليد الأعمى فى الدراما والأفلام المعروضة، بل وصل فى جرائم القتل بشوارع بلادنا بدون حسبان لوجود رادع الدين.
فالشارع العربى الآن يصرخ ويشهد العنف فى داخله بشتى الأشكال، سواء من حروب خارجية أو جرائم داخلية كعنف وسرقه واغتصاب؛ إلى أن طال هذا العنف أيضا الأطفال الأبرياء دون رحمة.
إن لأى طفل الحق فى العيش داخل بلاد آمنة من الحروب؛ هل تتخيلون أن طفلاً يقتل بسبب جنيه واحد أو رغيف خبز وكل هذا كوم وانظروا إلى آباء تجردت منهم مشاعر وفطرة الأبوة؛ وانظروا أيضا إلى الرجل والسيدة المسنين اللذين لا حول لهما ولا قوه إلا أنهما ربيا وكبرا وشاهدا تربية أبناءهما تربية فاضلة ويكون الإحسان إليهما بضربهما، أو توبيخهما، أو أن يزج بهما داخل دار للمسنين.
إن مثل هذه الآفات باتت تعج بها مجتمعاتنا، ولا حل ولا رادع قانونى يكفى لضبط حراك المجتمع الأخلاقى، وإن كان هناك رادع كاف فهو غير منصف لبشاعة الجريمة المعروضة، ولا يشفى غليل مظلوم؛ وأخيرا دعوة إلى أصحاب الأخلاق الحميدة ورجال الدين أن ينقذوا ما يستطيعون إنقاذه تجنبا لانكسار هذه الأمة انكسارا لا وقوف بعده، دون انتظار لصلاح الدين أو عمر بن الخطاب أن يأتيا من جديد لحل مشاكلنا.
