عن المجلس الأعلى للثقافة صدر كتاب "أطياف الحداثة.. صور مصر الاجتماعية فى السينما" للكاتب والمخرج عصام زكريا، والذى يشير من خلال قراءته للسينما المصرية من منظور اجتماعى نفسى إلى أن الحداثة لم تكن سوى طيف مر سريعا بخاطرنا وخطابنا الثقافى وتحول إلى كابوس ومسخ للتخلف والتطرف، وهو ما عكسته السينما بطريقتها المباشرة وغير المباشرة فى كثير من الأحيان، ملقيا الضوء على العقل الجمعى الذى يصنع والذى يستقبل الأفلام التى أنتجت خلال نصف القرن الأخير عقب ثورة يوليو مرورا بهزيمة 1976 وانتصار أكتوبر 1973.
يبدأ الكتاب بدراسة عن العلاقة بين ثورة يوليو بضباطها ومؤسساتها بالسينما والسينمائيين ومحاولة رعايتها والتحكم فيها من قبل الدولة، تنمو هذه العلاقة بين الطرفين حتى تصل إلى ذروتها مع المد الاشتراكى فى الستينيات، حيث صدر بيان رسمى بعد أربعين يوما من قيام الثورة باسم رئيس الجمهورية محمد نجيب بعنوان "الفن الذى نريده"، يعتبر "زكريا" هذا البيان يعكس المستوى الثقافى "الضحل" لكاتبيه.
ويخصص "زكريا" فصلين عن أنجح اسمين أنجبتهما أفكار الثورة، وهما المخرج صلاح أبو سيف والممثل المغنى عبد الحليم حافظ، حيث قدم أبو سيف خلال مشوار يزيد على نصف قرن 38 فيلما روائيا طويلا، وخمسة أفلام روائية قصيرة وبعض الأفلام التسجيلية، وقدم أول أفلامه "الفيلم الروائى القصير "نمرة6" 1942، وآخرها "السيد كاف" 1994، أما الممثل المغنى عبد الحليم حافظ، فيرى زكريا أن أفلامه الستة عشر تعتبر 15 عاما من أهم سنوات تاريخ السينما الحديث، مشيرا إلى تأثيره وأثر صورته على السينما الحالية من خلال مقارنة بين أفلامه وأفلام المغنى محمد فؤاد.
ويشير "زكريا" فى الفصل الخاص بسينما ما بعد 67 إلى زيادة عدد الأفلام وبزوغ جيل الكوميديين الجدد، وانطلاق موجة من الغضب والشماتة ضد النظام الحاكم فى بعض الأفلام التى رسمت صورة رمزية لمصر، ما أدى إلى زيادة رقابة الدولة، وتم التلاعب فى الأفلام وتوجيهها لخدمة النظام الجديد الذى تم تدشينه فى سبتمبر 1970وفى الفصل الخاص بالأفلام التى صنعت عن حرب السادس من أكتوبر 1973، يشير الكاتب إلى أن أهم أسباب فشل سينما أكتوبر تناقض صورة البطل جوهريا مع صورة البطل فى الملاحم الحربية ومع النوع الفنى الهليودى، وكذلك مع الأفلام الدعائية التى تنتجها السلطة الفاشية.
وفى الفصل السادس يتناول الكاتب فيلم المومياء لشادى عبد السلام الذى ولد من رحم الهزيمة والذى يحمل أرقى مرثية لحلم الحداثة فى مصر، ويربط ببراعة بين فشلها وفقدان حرية الفرد وحدوده، وفى الفصول الثلاثة الأخيرة، ومن هذه الفكرة يقدم لنا الكاتب دراسة عن المواطنة والسلطة فى السينما منذ بدايتها حتى التسعينيات، ودراستين عن صور العلم والخرافة وعن صورة الجماعات الإسلامية والتطرف الدينى فى السينما حتى التسعينيات، ويختتم المؤلف كتابه بملحق صور للقطات ومشاهد من السينما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة