ما زلت أتذكر حالة الهيام والشوق التى ترتسم على وجه أبى الذى تفضحه عيونه من قمة السلطنة أثناء سماعه أم كلثوم، والتى تشتد فيعلن أبى عن ذلك بصيحة عالية الصوت (الــــلــه). الحالة التى ما تلبس أنت تنتهى بانتهاء الأغنية أو تتغير بغيرها لعبد الحليم أو وردة، فتختفى حالة الهيام والشوق من على وجه أبى ليس لعيب فى عبد الحليم أو وردة أو غيره من الفنانين، ولكن يبدو أن العيب فى أبى. فأبى مثله مثل الكثير من المصريين من هواة عدم التغيير، حيث جاءت موسيقى عبد الحليم بما فيها من ثورة على موسيقى وطريقة الغناء وكلمات أم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم كالثورة التى قبلت بقوة ولم تقبل، وأحيانا وصلت إلى الرمى بالطماطم. فالتغيير لابد أن يأتى بثورة أيا كان نوع التغيير المرغوب فيه.
ووفقاً لتلك النظرية يقوم جيل جديد من المبدعين يسمونهم (فرق ساقية الصاوى)، والذين أسميهم أنا (مستقبل الموسيقى) بالثورة على كل ما هو مألوف فى الموسيقى النمطية الحالية من لحن و كلمات و طريقة أداء. فهناك من يمزج بين الموسيقى الشرقية و الغربية، وهناك من يقوم بالغناء بطريقة (الريجى) و غيره من يغنى بطريقة (البلوز) وغيرها من ألحان الموسيقى غير المألوفة، ولم تكتف بالثورة على نوع الموسيقى بل تعدت إلى الثورة على الكلمات المُغناة من حيث موضوعات الأغانى واختيار الكلمات الجديدة.
فهناك أغنية يتحدث موضوعها عن الجنيه والدولار فى ظل الظروف الاقتصادية. وهناك من قرر الغناء لعمود النور.ومنهم من قام بالغناء مرحباً بـالرئيس الأمريكى باراك أوباما، متسائلاً عن نواياه الخفية.بل وهناك من يواكب الظروف الاجتماعية فيغنى عن الكمامة، والتى ظهرت مؤخراً بسبب مرض أنفلونزا الخنازير وغيرها من الموضوعات الاجتماعية التى لم تتطرق لها أغانى من قبل.
فتعدت الموضوعات كلمات الحب المستهلكة فى الأغانى التقليدية الحالية والتى أصبحت مثلها مثل التيمات الــ 13 للسيناريو السينمائى. فتقوم تلك الفرق من خلال ساقية الصاوى التى تعد مركز الثورة والتى تسمح لهم بتقديم حفلاتهم فى الساقية وتقديم نوع جديد من الموسيقى يثور على كل ماهو تقليدى ونمطى من موسيقى تقدم لنا معلبة فى أشرطة كاسيت.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة