عشرون عاما قضاها محمد مصطفى أمين منذ أن كان عمره 6 سنوات متنقلاً ما بين عشوائيات القاهرة والجيزة.قدم من بنى صالح بالفيوم بعد أن طرده أبوه مصطفى أمين وهبة وهو طفل، ليكتب عليه أن يحمل الهم من يومها.
كان وقتها يعتقد أن هموم المسكن والمأكل والملبس هى كل مشكلات الحياة، لكنه اكتشف أن هذه الهموم ضئيلة جدا فى مقابل ما يمكن أن يلاقيه، فبعد أن استقر الحال بـ«محمد» أمام محكمة الجيزة بائعا لـ«الأمشاط وولاعات السجاير»، إلا أن أحدًا لا يعترف به ككائن حى له حقوق، فبعد أن فقد شهادة ميلاده، فشل فى استخراج بطاقة رقم قومى، وحكم عليه إلى الأبد بعدم الوجود فى الحياة.
يقول محمد: توسط لى أحد الضباط فى الأحوال المدنية، ولكنه فشل لأن اسمى ليس مسجلا أصلاً فى وقائع شهادات الميلاد، ذهبت إلى والدى ليستخرج لى شهادة ميلاد لأننى ساقط قيد إلا أنه رفض، ومما زاد حرجى وصدمتى أن أبى طلب منى دفع مبلغ 10 آلاف جنيه مقابل أن يكتب ورقة بها إقرار بأنه «أبويا» رغم انه مخلّف سبعة غيرى وعايشين فى خيره، وطلّع لهم شهادات ميلاد، اشمعنى أنا لأ وأنا أخوهم الكبير؟!
أمام هول الصدمة توجه محمد إلى أقرب مستشفى حتى يتم تسنينه فأخبروه أنه يلزم لإتمام ذلك، أن يكون هناك خطاب رسمى أو جهة معينة تخاطب المستشفى بذلك، فسلم نفسه للتجنيد، وهناك سألوه عن البطاقة لتعاد معه الكرة مرة أخرى، ولأن حالته «صعبت» على أحد الضباط هناك، قال له: ممكن نقبلك بشرط إقرار من والدك بإثبات شخصيتك ليجد محمد نفسه قد عاد إلى نقطة الصفر مرة أخرى.
«محمد مصطفى أمين»، يعرفه كل موظفى السجل المدنى، فهو يتوجه إليهم كثيرا، ممنيا نفسه بأن يحن قلب أى واحد منهم عليه، يقول: للأسف لا أحد يشعر بى، حتى موظفو السجل المدنى يجعلون من قصتى المؤلمة مادة للتندر والسخرية والهزار والهمس والغمز، والجاد منهم أو المهتم يقول لى: احنا مانقدرش نعمل لك حاجة، أنت ترضى لنا الحبس؟!.