تنتاب العاشق أحيانا مرحلة من السكون الشديد.. هدوءا غير مبرر، مختلطا بشعور عجيب من الراحة.. ليسأل نفسه مندهشا.. ماذا بي؟؟
هذا السؤال لا يسأله أى عاشق.. فقط.. من عرفوا حقيقة العشق.. بعد كذب.
نعم كذب.. أى من كذبوا على أنفسهم فى ماضيهم ليدعوا أن ما شعروا به هو الحب.. فيأخذ منهم الزمن سنوات عدة.. طالت أم قصرت.. لن يتذكروا ذلك.. أو يعيروه اهتماما، لأنهم سيعرفون مالم عرفوه من قبل.. الحب الحقيقى.. العشق الخالص.
ليأتى هذا الشعور مغيرا لكامل ملامح حياتهم.. فيجعلهم يتنازلون عن كل ما اشتهوا وأحبوا فى الماضى - بصدر رحب -، ويتساءلون مرارا وتَكرارا.. هذا أنا؟ يفعل العشق بالقلوب ما لا يقوى عليه كل سلطان الدنيا.. وتحدث المعجزة.. حين يتم كل اللامعقول.. بنفس راضية مصحوبة بابتسامة حالمة.. فقط ليحصل العاشق على رضا حبيبه.
ومع مرور الوقت تنتاب العاشق لحظات السكون التى يسأل بها نفسه.. ما سبب هذا الهدوء العجيب..والاستسلام لكل ما كان يثيرنى فى الماضى.. بل وتقبله والتعامل معه.. كأنه حدث عادى.. يتكرر يوميا ؟
لماذا أشعر فجأة.. أن كل المسيئين هم ضحايا الشيطان.. ولا بد أن أتعامل معهم بملائكية شديدة.. بعدما كنت أتعامل بندّية وعصبية كفيلة بإفساد أى علاقة اجتماعية ؟
منذ متى أسرح بذاكرتى شاردا عندما أستمع إلى أغنية ما ؟
فجأة.. أستحيى من نفسى وبشدة عندما أتذكر سخريتى القديمة من – دموع المحبين – التى كانت تنهمر على وجههم كبديل لكلمات حبيسة صدورهم وقلوبهم.
وتستمر تساؤلات العاشق لتأتى الإجابة واضحة فى لحظة صفاء مع النفس. يشعر العاشق أنه غير مصدق.. لنفسه.. أنا بالفعل أشعر بكل هذا الحب.. أهناك من خلق ليبادلنى حبا بحب ؟ أحقيقى.. أننى أمثل كل هذا الاهتمام لحبيبى؟
لا يصدق أن هناك من يسهر مثله.. وتصل به مشاعر اشتياقه لحبيبه حد الألم. نعم.. يشعر أنه يتألم من كثرة الاشتياق.. فتمر الساعات بطيئة للغاية وقاسية.. حتى يستمع إلى صوته.. لينسى بعدها وفى لحظة.. كل آلامه.. بل ويظل ساكتا لا تستطيع الكلمات أن تخرج من فمه. فيختار ما كان يسخر منه قديما.. دموع عينيه.. لتكون بديلا.. لكل آهاته.. ومشاعره، وتصل دهشته لذروتها.. عندما يقول له حبيبه. أنه سمع صمته، وعشقه.. ويبادله صمتا بصمت.. ليكون بينهما أروع ما تتغنى به القلوب من كلمات الحب والهيام. يستكثر العاشق على نفسه تلك المشاعر.. ويشعر أن حبيبه يستحق من هو أفضل.. فيعترف له بذلك.. ليكون رد حبيبه عليه أنه شعر بالإحساس نفسه.
فيصل بهما العشق.. إلى الشعور بإنكار تام للذات.. ويكون الهدف الرئيس لقصة حبهما هو التفكير فى كيفية إسعاد الآخر بشتى الطرق. يظل العشق.. من أحلى أسباب العذاب التى يتمنى كل البشر أن يشعروا بها. تظل به كل متناقضات الدنيا.. يدمى القلوب وينقّيها يدمع العين.. ويكسيها بفرحة غامرة. يسحب من الحبيب قوته ليعوضه بصبر وحنان ومحبه كافيين لكل عشاق الدنيا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة