قد يشعر المرء أحيانا بأنه يشعر بالوحدة من قلة الصدق والأصدقاء الحقيقيين والغربة داخل بلده التى لا تعطيه شيئا سوى الإهانة منذ خروجه فى أول النهار للذهاب لعمله حتى يعود لبيته مرة أخرى, هذا البلد الذى يعيش شعبه فى واد ويعيش حكامه وصناع قراره فى واد آخر, هذا البلد الذى يأخذ كل شىء ولا نرى فيه أو منه أى شىء, هذا البلد الذى تحتم علينا فطرتنا الدفاع عنه رغم شعورنا بغربتنا فيه, هذا البلد الذى أصبح شركة كبيرة لصناع قراره وأصبح الشعب مجرد عامل بلا هوية رغم انتمائه لهذه الشركة، فمن أين لى أن أصدق أننا نعيش فى بلد نحمل هويتها، والضعيف والفقير بها لا نشعر به ولا يجد من يقف بجانبه، وفى الوقت ذاته نرى صناع القرار يرتكبون الجرائم والمخالفات فى حق الشعب والبلد ولا نستطيع محاسبتهم، وعند المحاسبة تجد الكثير من الناس يقفون بجانبهم ليخرجوهم من هذه المصائب، كما لو كانت البلد ستقف إلى حد هؤلاء أم أنهم هم الشعب الذى يستحق الخدمة.
فقد استفزنى كثيرا من قال إن الحكم على هشام طلعت مصطفى باطل لعدم دستوريته، فكم من الجرائم ترتكب وتصدر فيها الإحالة للجنايات من خلال النيابة ولا نسمع صوتا لهؤلاء الناس فى مقتل السيدة هالة فايق، وأفتوا علينا ببعض فتاوى العصر، هل لأنها المجنى عليها شخصية مرموقة والقاتل ليس أكثر من مجرد شخص عادى تجرد منه الشعور والإحساس للحظة وأخطأ فيستحق العقاب، أم لأن أصحاب الفتاوى لا تستفيد من الخوض فى هذه القضية ببعض الشهرة الإعلامية وبعض المال من وراء هذا الشخص العادى، ولكن فى الحالة الأخرى للسيد هشام فهو أيضا شخص قد يكون تجرد منه الشعور والإحساس للحظة وأخطاء، فلما يصعب علينا أن نصدق أنه من الممكن أن يحاسب ونسمع الكثير من الفتاوى والحيل المختلفة لإخراجه من هذه الأزمة.
فشتان بين القضيتين الأولى المجنى عليها شخصية مرموقة فالكل تعانق واجتمع لأخذ حقها، والقضية الثانية الجانى شخصية مرموقة وأيضا نرى البعض يتكاتف لإخراجه رغم ثبوت الأدلة عليه، ورغم أن الجريمة واحدة فى القضيتين، وهى القتل ولكن مع فرق الشخصيتين ومواقعهم فكيف أن اقرأ كل هذا وأشعر أننى داخل بلد يحكمها قانون منظم وعادل، وأن بها شعب من الممكن أن يطلق عليه شعب داخل دولة فللأسف هذا شعب بلا هوية وهذا بلد بلا شعب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة