عبد الناصر عبد الرحيم يكتب: إلى أصدقاء الشعر

الأربعاء، 15 يوليو 2009 11:42 ص
عبد الناصر عبد الرحيم يكتب: إلى أصدقاء الشعر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشعر مغامرة.. مغامرة على صعيد التجربة الحياتية العامة واستنطاقها وتمثلها، والتجربة الحياتية الخاصة واستنفارها وإطلاق قواها الماضوية والحاضرة والمستقبلية والتجربة فى الكلمة وإخراجها من مكانها بهيئة مبدعة، ومن يفقد أحد أطراف مغامرة الشعر يبقى يدور فى دوامة فارغة لا قرار لها، فبعض الأصدقاء الشعراء على بعض المواقع الإلكترونية يمارسون هواية غريبة هى إضاعة الوقت فى توجيه أكبر قدر ممكن من الإهانات للصفحات البيض، حتى لكأن براءة اللون الأبيض توأجج فيهم كراهية جنبنا الله إياها.. إن هذا البعض وبسبب قصوره فى فهم العملية الشعرية يتوهم أن القصيدة ليست أكثر من تدوين أى شىء يخطر على البال فافتقدت إلى أوليات الشعر، فهنا جهل واضح بالعروض فشعرنا العربى الحديث يقوم أيضا على عنصر جوهرى هو الوزن، فعدم معرفة الأوزان يفقد القصيدة قيمتها الحقيقية، والملاحظة الأخرى هو الاستسلام لدفق العواطف دفقا عفويا أقرب إلى الشكوى أو الالتياع البسيط الساذج دون بذل جهد فى اللغة الشعرية، ومحاولة تزيين هذه العواطف والانفعالات بصور فنية ممتعة تعادل قيمة الانفعال ذاته، لذا غرقت هذه الكتابات التى نشرت على فى ركام من المفردات التى يغلب عليها طابع النظم الذى يقتل فى القصيدة الحس الشعرى ولا يبقى سوى الهيكل العام، وفقدت القصيدة شخصيتها لأنها لم تعد خلقا ولا إبداعا بقدر ما هى دائرة للشكاوى ومجلس للعزاء الشخصى، فلماذا ينشر مثل هذه الكتابات؟، ولماذا لا يقول كفى الله الناس شر الإبداع؟ فقصائد الأصدقاء فى الأغلب تتوجه إلى إعادة ما قيل من صور شعرية أو مضامين من غير أن نلمس تغيرا أو تعديلا فى هذا المنحى، فالشعر الحديث أيها الأصدقاء شعر يتوجه إلى الحياة يُمنح منها المادة الأساسية ويشكل بناءه على ضوء ما يجرى فى هذه الحياة، فنحن أبناء هذا العصر نعيش فى مدنه وأريافه ونواجه تعقيداته ونحيا أفراحه وأحزانه، ونحن فى غمرة هذا الاشتباك مع الحياة اليومية لا ننسى أيضا أننا نستخدم أسلوب العصر وما يتلاءم معه من صياغات مقبولة، فالتجربة الذاتية اليومية يجب أن تكون الموضوع الأساسى لقصائدنا كى نشعر بانتمائنا الحقيقى لهذا العصر، ونشعر أيضا أننا حيوانات لها كياناتها ومنظوراتها، ولذا أنقل لكم أيها الأصدقاء ما كتبه شاعرنا الكبير أحمد عبد المعطى حجازى فى مقاله القصيدة الجديدة وأوهام الحداثة حيث قال بالنص:- إن صفة الشعر قد أهينت حتى أصبحت تطلق على أى كلام ينتهى قبل نهاية السطر، فضلا عن الأخطاء الشنيعة فى النحو والعروض فالحد الأدنى الذى تتطلبه الممارسة الشعرية غير متحقق فى الكثير مما يطلق عليه شعر مما ينشر فى الصحف والمجلات والدواوين، وهذه الفوضى ليست من صنع المدعين بل يشارك فيها المبدعون أيضا بنسب مختلفة، انتهى كلام شاعرنا الكبير، وتبقى كلمة، ليس الشعر عملا سهلا وهامشيا وهو تعبير أكيد عن كيان الشاعر بما يتضمنه هذا الكيان من عواطف ومواقف وردود أفعال، إن علاقة الشعر بذات الشاعر علاقة متداخلة جدا ونكاد أحيانا لا نفرق بين ذات الشاعر وقصيدته فكأنها مرآة لهذه الذات نرى فيها تضاريسها كلها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة