ساعتان عاشتهما محافظات أسوان وقنا وسوهاج وأسيوط والبحر الأحمر دون تيار كهربى، لحدوث عطل فى إحدى المحطات المائية لتوليد الكهرباء.. ساعتا الانقطاع، وإن تم تداركهما بفصل محطات السد العالى الرئيسية عن المحطة التى حدث فيها العطل، لارتباط الجميع بشبكة الكهرباء الموحدة، إلا أنهما يشيران بوضوح إلى سيناريو شديد القتامة، متعلق بإهمال صيانة محطات السد العالى الرئيسية، والمحطات التابعة لها وهو ما ينذر بكارثة، دون مبالغة، لو تكررت مثل هذه الأعطال على نحو أوسع، أو بصورة يصعب تداركها سريعاً، ليعم خمس مصر على الأقل ظلام تام، ما لم تكن العواقب أكثر فداحة.
لم تتضح معالم عطل الأمس فى الساعات الأولى، حيث تسببت فيه محطة كهرباء نجع حمادى، التى دخلت الخدمة مؤخراً فى يناير 2008، بعد أن أصيبت وحدات التوليد الرئيسية فيها بعطل طارئ، نتيجة لإهمال الصيانة، بحسب تأكيدات مصادر بمحطة السد العالى، وهو العطل الذى تسبب فى فصل الدوائر الكهربائية بمحطات التوزيع الرئيسية بجنوب الصعيد، وخروجها من الخدمة؛ لارتباط المحطات المائية التى تنتمى إليها محطة نجع حمادى، ومحطات السد العالى، وأسوان 1 و2 بشبكة الربط الكهربى الموحدة مباشرة.
عطل محطة نجع حمادى لم يكن بالفداحة التى يتصورها البعض، كونه عطلاً فنياً وارد الحدوث، ما لم تشبه شبهة إهمال، لكن تداعياته، على بساطته، تسببت فى خروج 5 محافظات على الأقل من الشبكة الموحدة للكهرباء، لتنقطع عنها الكهرباء أكثر من ساعتين، قبل أن يتم تشغيل المحطات الاحتياطية لحين إصلاح العطل الرئيسى بمحطة نجح حمادى، والأعطال التى ترتبت عليه بمحطات التوزيع الرئيسية، لتعود الكهرباء بشكل جزئى مع تهديد مباشر بانقطاع نهائى حال حدوث أى طارئ بمحطات التوليد الاحتياطية أو بالكابلات التى تربطها بشبكة الربط الكهربى.
أعطال محطات السد العالى لم تبدأ بعطل الأمس الثلاثاء، وإنما سبقتها أعطال كثيرة، تم تداركها بسرعة، دون أن تمتد إلى شبكة الربط الكهربى أو تتسبب فى انقطاع الكهرباء كما حدث فى العطل الأخير، وهى أعطال تتعلق فى مجملها بصيانة مولدات محطات التوليد الرئيسية، والكابلات الرئيسية التى تربطها بشبكة الربط القومى، خاصة فى محطة السد العالى الرئيسية، التى تعانى من مشاكل عديدة بعد عملية التطوير الأخيرة التى شهدتها، والتى أثرت على كفاءة توربينات المولدات التى تم استبدالها من قبل إحدى الشركات الألمانية الروسية، وكانت المفاجأة أن التوربينات الجديدة أصيبت بشروخ كبيرة بعد دخولها الخدمة بفترة قصيرة، لعدم تحمل مادتها الخام للإجهادات الشاقة التى تتعرض لها التوربينات فى المحطات المائية.
وكان طبيعياً أن تتكتم شركة المحطات المائية على أعطال توربينات السد، التى تم تطويرها حديثاً بتكلفة تخطت 80 مليون يورو، وبعد أشهر قليلة من إعادة تشغيلها، لذلك لجأت إلى علاج شروخ التوربينات عن طريق لحامها لسد هذه الشروخ، كما أن تقارير فنية قد أثبتت وجود عيوب فنية فى المولدين 3 و4 بعد خضوعهما لعملية التطوير، وهو ما تسبب فى احتراق أحدهما، وتعطل الثانى أكثر من مرة، لكن شركة المحطات المائية رغم هذه العيوب استلمت بقية المولدات من الشركة الروسية الألمانية، التى تعانى من نفس المشكلات، وهو ما تسبب فى مجموعة من الأعطال المتتابعة، التى تم التعامل معها جميعاً من قبل القسم الفنى بمحطة السد لإصلاحها بطريقة وصفتها مصادر فنية بـ"التعامل الوقتى"، مؤكدة أن ذلك قد يتسبب فى كارثة على المدى الطويل، مع تزايد الأحمال، وتهالك التوربينات والمولدات بسبب عملية التطوير الفاشلة.
ما يحدث فى محطة السد الرئيسية، يتكرر بشكل مختلف فى المحطات التابعة للسد وبالأخص محطات إسنا وأسوان 1، 2، ومحطة نجع حمادى بطلة العطل الأخير، بدرجات متفاوتة، لكن العيوب الفنية بطلة الموقف، والتعامل "الوقتى" مع هذه العيوب دون علاج جذرى يضاعف من خطورة هذه الأعطال على المدى الطويل، لتحدث بصورة أفدح وبشكل مفاجئ، كما حدث فى عطل نجع حمادى، وهو ما أكد أحد مهندسى السد العالى، أنه قد يتسبب فى تعطيل محطة السد العالى التى تنتج وحدها 20% من إجمالى الطاقة الكهربية المولدة فى مصر، فضلاً عن محطات الجنوب القريبة، مشيراً إلى أن هذه الأعطال لم تتسبب فقط فى قطع التيار الكهربى لساعتين أو أكثر، بل قد تؤدى إلى إظلام محافظات الصعيد بالكامل لفترة كبيرة، حتى التعامل مع هذه الأعطال وإصلاحها، وأضاف أن الحلول الفنية "الوقتية" التى تعتمد عليها محطات الجنوب، وعلى رأسها محطة السد العالى ستتسبب فى انهيار المولدات فى وقت واحد، ووقتها لن تجدى محاولات الإصلاح أو تشغيل المولدات الاحتياطية كما حدث هذه المرة.
انقطاع الكهرباء عن محافظات الصعيد يكشف مشاكل محطات الطاقة المائية.. ومشاكل مماثلة فى محطة السد العالى تمهد لسيناريو ظلام جنوب مصر
الأربعاء، 15 يوليو 2009 06:29 م
حسن يونس وزير الكهرباء
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة