وتحول المؤتمر إلى مناسبة دولية تعرض فيها كل دولة إنجازاتها وتجاربها وأفكارها، ولم يخل المؤتمر من إحدى سمات حضور الزعيم الليبى معمر القذافى وطريقته الارتجالية ومفاجآته الاستعراضية.
وطغت الأزمة المالية العالمية على أعمال المؤتمر، خاصة فى ظل اتهام دول الجنوب للغرب بأنه وراء الأزمة المالية العالمية، والتسبب فى ارتفاع عدد البطالة إلى 51 مليونا فى العالم بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية، فضلا عما تسببت فيه سياسات العولمة من انتشار الفقر ووصول عدد الجوعى إلى مليار جائع فى العالم، معظمهم من الدول النامية.
ففى كلمة الرئيس الكوبى راؤل كاسترو رئيس حركة عدم الانحياز خلال الدورة السابقة، وكلمة الرئيس حسنى مبارك والرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة ورئيسة الفلبين جالوريا أريو، والرئيس اللبنانى ميشال سليمان، وعدد من الرؤساء فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا، ركز الجميع على رفض سياسة تهميش بلدان عدم الانحياز وإقصائها من دوائر اتخاذ القرارات التى تتحكم فى السياسة الاقتصادية العالمية. كما رفض الرؤساء التدهور الحاد فى الأمن الغذائى، باعتباره مشكلة تهدد الأمن والسلام العالميين، وتقوض مساعى التنمية، وهو ما اتسق مع أهداف المؤتمر، الذى حمل عنوان "التضامن من أجل السلام والتنمية".
على الجانب الآخر، سيطرت قضية منع الانتشار النووى على كلمات رؤساء الوفود، لأن الأمم المتحدة تعمدت جعل عام 2010، بداية تطبيق معاهدة منع الانتشار النووى، والسعى لتطبيق كافة بنودها، ومطالبة دول عدم الانحياز بتطبيق كافة قرارات منع الانتشار النووى حتى على الدول التى دخلت النادى النووى بما فيها إسرائيل، على أن تلتزم كافة الدول بالتفتيش ومراقبة ترسانتها النووية، ومراقبة السباق النووى فى شبه القارة الهندية وآسيا.
فيما شنت بعض الدول التى تسميها الولايات المتحدة دولا مارقة هجوما عليها، مثل: كوبا وليبيا وإيران وكوريا الشمالية. بينما استغل الزعيم معمر القذافى كعادته وجوده فى محفل دولى ليرتجل خطبة مطولة تتحدث فى كل شىء بلا ترابط، مطالبا فى شكل متناقض بتأسيس مجلس أمن داخل دول عدم الانحياز، فى الوقت نفسه طالب بمقعد دائم لأفريقيا فى مجلس الأمن الدولى.
وأيد القذافى حق إيران فى امتلاك برنامج نووى سلمى، مبررا حق ليبيا أيضا فى إعادة إحياء برنامجها النووى الذى فككه بنفسه، سعيا لإنهاء الحصار الدولى عليه والتصالح مع الغرب والولايات المتحدة، التى هاجمها دون أن يذكرها بالاسم صراحة.
وفيما ظهرت علامات استفهام حول إنابة الرئيس مبارك لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) لرئاسة الجلسة الرئيسية الثالثة، ذكرت مصادر دبلوماسية رفيعة أن ذلك الأمر جاء تكريما له فى ظل اتهامات عضو اللجنة المركزية لفتح فاروق القدومى، ورفيق أبو مازن بأنه خطط مع محمد دحلان لاغتيال الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، بالإضافة إلى الرد على ادعاءات وزير خارجية إسرائيل أفيجدور ليبرمان بأن أبومازن غير ذى شرعية، من هنا جاء تفويض مبارك لرئيس السلطة الفلسطينية، لتأكيد شرعيته واعتباره المفاوض الوحيد والمدافع عن حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة فى الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
واللافت للنظر، أن المشكلات الداخلية لبعض الدول طغت على كلمات الرؤساء، فسيرلانكا هاجمت "نمور التاميل"، ورئيس نيجريا هاجم متمردى دلتا النيجر، والرئيس الأفغانى حامد كرزاى هاجم طالبان والقاعدة.
من جهة أخرى، عبر عدد من الإعلاميين والصحفيين عن استيائهم من حجب المعلومات والمصادر عن وسائل الإعلام فى مؤتمر دولى، وهو ما أكده هانى شكر الله مدير مؤسسة هيكل للصحافة العربية لليوم السابع، والذى قال إنه لم ير طوال حياته المهنية ومشاركته فى تغطية مؤتمرات دولية هذا المنع، ومشاهدة الجلسات عبر شاشة تليفزيونية صغيرة، فى الوقت الذى تسمح فيه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى وعدد من المنظمات الدولية بالتواجد فى قاعة المؤتمرات ولقاء المسئولين وإجراء لقاءات صحفية معهم..
وهو نفس الأمر، الذى يتفق معه عمرو عبدالحميد مراسل تليفزيون "بى بى سى"، الذى أكد لليوم السابع، أنه أمر غريب أن يحجب الإعلامى عن مصادره، "لم أر مثل هذا الشىء فى حياتى .. نعم التنظيم جيد إلى حد ما لكن تم منعنا من الاتصال بمصادر المعلومات داخل القمة". وهو ما أيده أيضا طارق الشامى، مدير مكتب قناة الحرة الأمريكية بالقاهرة، وأبدى استياءه من غياب المصادر وحجب المعلومات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة