طلب من الرئيس السورى بشار الأسد، بعد مرور حفنة أيام على وفاة والده، أن يصنف أهم قضايا الخلاف التى تشكل مواطن النزاع بين سوريا وإسرائيل، فكانت إجابته "إسرائيل ترتب أولوياتها كما يلى: الأمن ثم الأرض ثم الماء، ولكن الحقيقة مختلفة كلياً، فهم يعتبرون الماء أكثر أهمية من أى شىء آخر ومع ذلك، مناقشة هذه المسألة الآن سابق لوقته، وسيأتى دورها فقط عندما تعالج قضية الأرض".
بهذه الكلمات استهل الكاتب ستانلى ويس، مؤسس ورئيس المدراء التنفيذيين للأمن القومى، مقاله المعنون "المياه مقابل السلام"، والذى يتحدث عن إمكانية استخدام الماء لتحقيق سلام الشرق الأوسط المتعثر. ويقول ويس إنه بعد مضى تسعة أعوام على ذلك لا تزال قضية الأرض مجمدة، بينما أخذت قضية الماء منحنياً أليماً، فبعد خمسة أعوام من الجفاف، تتجه المنطقة بأسرها نحو كارثة مائية من شأنها عرقلة الجهود الرامية إلى السلام.
ويلفت الكاتب إلى أن قطاعات كبيرة فى نهر الأردن قد شهدت انخفاضاً كبيراً فى معدل المياه بها، كما وصل معدل المياه ببحيرة طبرية إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، فى حين تقلصت منطقة السطح فى البحر الميت إلى الثلث، وفى العراق، غطى الوحل والطين مناطق كبيرة من نهرى دجلة والفرات. وفى شمالى سوريا، جفت أكثر من 160 قرية خلال العامين السابقين، مما اضطر سكانها إلى الرحيل، وفى غزة، لا يحصل أكثر من 150 ألف فلسطينى على مياه الصنابير.
ولم تسلم إسرائيل من انخفاض مستوى المياه كذلك، حيث برزت المضخات فى بحيرة طبرية فوق سطح المياه، مما جعل عملية الضخ مستحيلة، بينما تصب لبنان 70% من مياه الصرف فى البالوعات مما يلوث المياه الجوفية، كما تكافح الأردن بـ10% فقط من متوسط سقوط الأمطار. لذا يحذر الكثيرون من أن الحروب المستقبلية ستكون بسبب المياه وليس الأرض.
ويتساءل ويس، هل من الممكن أن تظهر خلال هذه الأزمة فرصة سانحة لإحلال السلام الضال، وتكون المياه السبيل للتعاون والتوصل إلى اتفاق فى المنطقة؟.
ويجيب على هذا التساؤل ما قاله جلعاد شير، كبير مفاوضى إسرائيل فى قمة كامب ديفيد ومباحثات طابا للسلام بين عامى 1999 و2001، "نحن نؤمن أن قضية المياه ستكون العامل المحفز لإحلال السلام الإقليمى، ففى جميع الجولات السابقة فى المباحثات الإسرائيلية-الفلسطينية، كاد الأطراف المعنيون أن يتوصلوا إلى اتفاق بسبب قضية المياه".
ويرى آخرون مثل الأردنى منقذ مهيار والفلسطينى نادر الخطيب والإسرائيلى جيدون برومبرج الذين يديرون منظمة "إيكوبيس" التى تضم خبراء بيئة من الأردن وفلسطين وإسرائيل، لتعزيز فكرة "جيران المياه الجيدة" أن المياه ستوفر سبلاً جديدة للحوار.
ويرى الكاتب، أن الآن الوقت المناسب للتوصل إلى اتفاق سلام يرتكز على المياه التى يضر انخفاضها الجميع، كما يضع روشتة لمواجهة هذه الكارثة الوشيكة:
أولاً، يجب أن تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع تركيا وإسرائيل ولبنان وسوريا، لعقد مؤتمر فى إسطنبول، "فأفضل طريقة لحل مسألة نقص المياه هى أن جلب المياه من المصادر الوفيرة فى الشمال ـ أى تركيا"، على حد قول الباحث الإسرائيلى بيرنارد أفيشاى.
ثانياً، الولايات المتحدة يجب أن تقنع إسرائيل بمشاركة خبرتها وتكنولوجيتها المتعلقة بمجال المياه مع جيرانها من العرب، فالمياه، وليس الأرض قد تشكل ملامح اتفاقية بين إسرائيل وسوريا، اللتان تتنازعان فيما بينهما حول مرتفعات الجولان، التى تعتبر مصدر إسرائيل الأساسى للحصول على أكثر من 55% من المياه.
ثالثاً، الأمم المتحدة يجب أن تبذل قصارى جهدها فى العثور على طرق أرخص وأكثر ملائمة للبيئة لتحويل مياه البحار إلى مياه صالحة للشرب.
ويختم ستانلى ويس مقاله قائلاً، إن جيران إسرائيل من العرب لن يمدوا إسرائيل بالمياه إذا كانت تحترق، والعكس صحيح، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمياه، فكل الدول تصبح فى مركب واحد.
نيويورك تايمز: المياه السبيل الأخير لتحقيق سلام الشرق الأوسط
الثلاثاء، 14 يوليو 2009 04:39 م
المياه قد تكون سبباً لحرب قادمة فى الشرق الأوسط
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة