عقد "مؤتمر أقباط أوروبا"، كما سماه منظموه فى دولة النمسا "المحايدة"، وهذه التسمية كنت قد قرأتها فى مقال إخبارى باليوم السابع (12 يوليو 2009)، وهى تعطى انطباعًا عامًا بأن المؤتمر المذكور يتسع ليشمل غير المصريين الأقباط، ولكن وبقراءة المقال وجدت أن المواضيع مجال المناقشة والحوار كانت مواضيع مصرية بحتة وصفها الكاتب بـ "القضايا المسكوت عنها".
وحيث إنى لست مع الرأى القائل بالسكوت على القضايا، ومع الرأى القائل بطرح كل المواضيع على طاولة "الحوار" وفى داخل الوطن، الوطن ذو الجرح الدامى الذى يسلبه عافيته، وهى التى نحن فى حاجة ماسة إليها، إلا أنه يبدو أن بين صفوف الأخوة "أقباط المهجر" من يرى غير ذلك، وأفترض أن هذا الكم الديمقراطى المجتمع ـ كما قد يسمى نفسه ـ قد يعكس بعقده لهذا المؤتمر بما يلتزم به وبما تعلمه (فى الخارج) عن المبادئ الاساسية لحقوق الإنسان وحرية الأديان وممارسة الشعائر والتعبير عن الرأى، وممارسة الوسائل الديمقراطية بما فيها "مؤتمرات الخارج" كأفضل الوسائل للحصول على "الحقوق المسلوبة"، مضافًا إلى ذلك فضح ما لا يمكن فضحه فى الوطن "المتخلف" ليتنور ويعود "منارة" للجميع.
بينما أرى أولاً أننا بهذا كله نتنازل عن أبسط حقوقنا فى الوطن، فما الوطن إلا أنا وأنت وصوتنا معنا هو ضمير الوطن وقوته وضعفه فى نفس الوقت. وكم كنت سعيدًا منذ سنوات لاشتراكى مع أحد أساقفة المهجر المصريين الأقباط فى مناقشة دعت إليها جمعية طلابية لحوار الأديان فى بلدة نمساوية جامعية كتهيئة لزيارة أفراد هذه الجمعية للمؤسسات الدينية فى مصر، وبدأتُ حديثى فى هذا الحوار المفتوح عن ضرورة ذكر ما يجمعنا لا ما يفرقنا، فالذى يجمعنا أكثر مما يفرقنا بكثير، على أن يكون ذلك هو أساس الحوار بيننا وفى الوطن ذاته وبدون وسيط خارجى، فكان اتفاقنا معًا من أجمل ما عاصرته منذ سنين. وكم أدهش الحاضرين والأسقف أيضًا أن أسرتى البسيطة كانت قد اختارت لأولادها، وأنا بينهم ولست سنوات كاملة من حياتنا، زيارة (مدرسة المحبة القبطية الأرثودكسية) بدلاً عن مدارس أخرى كثيرة كانت أقرب منها إلى بيتنا الواقع فى حى شعبى سكندرى (القبارى) لا داعٍ لوصفه بالمحافظة أو بالتقليدية، ولكنها كانت روح العصر التى فقدناها ففقدتنا.
وأرى ثانيًا وهذا ما يجب ذكره اليوم وأعتبره ضروريًا، أن عقد المؤتمر المذكور وفى دولة النمسا خاصة أو فى الخارج عامةً، بدلا عن عقده فى القاهرة أو فى إحدى المحافظات المصرية أو حتى فى شرم الشيخ ـ خطأ فادح فهو يعطى الإيحاء بالاستقواء بالخارج، وبالرغبة فى سلك نفس الطريق الذى اتخذته المعارضة العراقية قبل 2003، وهو الذى أدى إلى العودة "الظافرة" على ظهر الدبابة الأمريكية، وأدى أيضًا إلى ما عليه العراق اليوم – فهل هم قد اختاروا فعلاً هذا الطريق؟
وقد لا يعرف بعض المشتركين فى مؤتمر النمسا - والتى أعيش فيها منذ عقود- دورها فى تفكيك يوغوسلافيا إلى كانتونات وبانتوستنات، وعدد من الدول كوفئ بعضها بعضوية الاتحاد الأوروبى، ولكنها كلها تنعم بعلاقات سيئة ببعضها البعض بفضل الدور المصالحى النمساوى، فهل اختار الأخوة "أقباط المهجر" الطريق النمساوى لحل مشكلة مصرية داخلية؟ وهل جرى الإعداد لهذا المؤتمر دون العودة إلى وزارة الخارجية والداخلية النمساوية حتى لتأمين المؤتمر؟
أخيرًا أخى المشارك وأختى المشاركة فى هذا المؤتمر، إننى أشك فى نفسى لأنى أشك فيك وأنت منى!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة