حمدى رزق

ليس هگذا تورد الإبل..

الثلاثاء، 14 يوليو 2009 07:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تستطيع أن تكره إمام الأنصار رئيس حزب الأمة السودانى السيد الصادق المهدى، هكذا اسمه مسبوقاً بالسيد احتراماً وإجلالاً، ولكن يقيناً تكره منه تقلبات وتحالفات سياسية مربكة ومقلقة ومثيرة للجدل، دوماً الصادق مثير للجدل فى حلِّه وترحاله، وتقلباته ذات اليمين وذات الشمال.

على قلق كأن الريح تحتى، هكذا سيد حزب الأمة، كل يوم بتحالف، لا يصمد تحالف يوماً، ولا يستقيم حتى ينفض يديه التى سلمت وشفتيه التى لثمت وباركت وحوقلت وتمتمت، يبدأ بحماس لا يلبث أن يفتر، وينتهى قبل أن يرتد إلى المتحالفين طرفهم، يتركهم عرايا فى صحراء الشك والريبة وإحساس غاضب بالخديعة، يخسر كل صباح ما يكسبه فى الليل، تحالفات الصادق صارت مثل قالب الزبد يغرى الناظرين، وما إن تطلع عليه شمس أم درمان من خدرها حتى يذوب تاركاً آثاراً لا يمكن محوها إلا بمزيل قوى، عند الصادق المزيل، تحالف جديد.

الصادق الديمقراطى صار حليفاًَ لخليل إبراهيم الانقلابى، يا لها من سقطة، سقط مولانا من حالق، وعليه أن يحك ذقنه بالمحنى "من الحناء" جيداً ويفكر كيف يتسق حزب الأمة ذو الإرث الديمقراطى العريق مع حركة العدل والمساواة الانقلابية، كيف يتحالف حزب الأمة مع حركة دقت أبواب أم درمان، وفيها أهل الصادق وناسه بالعتاد والرجال، وكادت تقلب النظام، لولا برهان الجيش السودانى الذى أبدى بسالة فى الدفاع عن كرامته العسكرية التى عمدت الحركة إلى حكها والتحرش بها فى عملية فاشلة وأسرى يجرى التفاوض بشأنهم فى الدوحة التى تحتضن أمثال هؤلاء الانقلابيين، فى سعيها الحثيث للعب دور فى دارفور ولو على جثة السودان العزيز.

يبدو أن إمام الأنصار فى لحظة يأس عاتية وتخارجا مع أزمات حزبه الداخلية، وفشل تفاهماته مع بقية أحزاب الساحة، ونفور القوى السياسية من تقلباته التى كلفتهم وكلفت السودان غاليا، وإهمال دول الجوار، لم يعد السيد سيد الساحة، الساحة تعج بسادة آخرين، السيد لم يعد محركاً للأحداث، لم يعد محوراًَ للأحداث، صار يستجدى المنابر، بحثا عن دور لم يعد فى صدارة المشهد السودانى، هناك لاعبون أهم وأرقام أصعب، الصادق ضيَّع فى أوهام المؤتمر الجامع عمره، أضاع فرصته بتحالفات وقتية، طفق يبحث عن عملية سياسية يدارى بها خلافات عصفت بحزبه، ومست تحالفات حزبية طالت واستطالت وتضرب فى أعماق تاريخ الحزب "عائلة مادبو نموذجا ومثالاً.

الصادق ألقى بنفسه وحزبه فى المجهول بتحالف مجهول العنوان والهوية، مع حركة مجهولة النسب، يقال إنها ابنة غير شرعية للدكتور حسن الترابى صاحب المشروع الحضارى، صار المشروع أثراً بعد عين، حركة دينها وديدنها الانقلاب، تفاوض وتحارب، تكسب على المائدة ما يكمل حصاد المعارك، بليل عقد الصادق اتفاقاً جل بنوده انقلابية، ومن وراء ظهر أصحاب الدار، القاهرة صحت على اتفاق شائه ومشوه ومخالف للأعراف المصرية التى تسعى لتوحيد الصف الدارفورى والجلوس إلى مائدة مفاوضات تنهى مأساة الإقليم المضطرب فى غرب السودان، الصادق أتى إلى القاهرة لا يطلب ناراً يستدفئ بها من صقيع الوحدة السياسية، بل ليشعل غرب السودان ناراً باتفاق نارى.

الصادق لن يكسب شيئاً من التحالف مع العدل والمساواة، فلا هو عدل ولا يحقق المساواة، الصادق يبيع تاريخ الحزب العريق بثمن بخس، وجودا فى ملف غادره الصادق وحزبه منذ زمن طويل، "الأمة" فقد مواقعه التقليدية فى الغرب، إيجاد موطئ قدم للحزب فى الغرب لا يكون على أسنة الرماح الخليلية "نسبة إلى خليل إبراهيم"، لن يدخل الصادق إلى الغرب محمولاً فوق لاندكروزر يقودها خليل، يلقى الصادق بنفسه فى التهلكة إذا استمر على حاله فى عقد تحالفات تناقض ما استقر عليه واصطلح عليه سياسياً حزب الأمة واستقام فى الساحة حزباً عتياً.

العدل والمساواة تكسب بالاتفاق الكثير، بالاتفاق هى رقم صعب فى الغرب تسعى إليه أحزاب، وتدفع له دول، قطر نموذجا للدفع، الأمة نموذجا للسعى ولكلِّ ما سعى، أيضاً تتجمل حركة نافرة مستنفرة انقلابية بحزب ديمقراطى، غسيل سياسى بمساحيق حزبية تقليدية، تخلق الحركة لنفسهـــا كيانــاً، وترســم صـــورة كاذبـة أخشـى أن تنطلى، ويصدقها الصادق، سيكون كمن كذب الكذبة وصدقها وعمل عليها، والعاملون عليها الآن كُثر فى الساحة.

كسبت الحركة ثقلاً سياسياً بتحالف يغرى آخرين، ويحرضهم على المبادرات الساعية لتوحيد الصف، أليسوا مطلوبين والكل يخطب ودهم، وها هو زعيم الأمة يعقد قراناً عرفياً، صار للعدل والمساواة زوج كريم من أصل كريم، فرصة لن تمررها "العدل والمساواة" ابنة الحدود التى لا يُعرف لها أصل أو فصل يتنكر لها حتى حسن الترابى.

ينقلب الصادق على طروحاته بالملتقى الجامع الذى يلملم كل أهل السودان، يخطىء الصادق كثيراً إذا تصور أن الطريق إلى الملتقى الجامع يبدأ من أبشى (الحدود السودانية - التشادية)، يبدأ من مناطق التماس التى تتحرك فيها العدل والمساواة بعربات دفع رباعى، تنقض الحركة فتصيد كالعقبان الجارحة اتفاقا شائها.

ليس صحيحاً أن الصادق قادر على حمل العدل والمساواة على جادة الطريق القويم وإلقاء السلاح، والدخول بجدية فى العملية السلمية، العدل والمساواة من صاحبات الأجندة، تتبضع مبادرات وهى تمسك السلاح، السلاح هو من وضعها على الطاولة ولن تطلقه، عظات الصادق السياسية والبحث عن الشرعية فى ركام الساحة السياسية لا تعنى التحالف السرى مع جماعة انقلابية.

لله درك يامولانا، ليس هكذا تورد الإبل.


* نقلا عن المصور






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة