هناك العديد منا يعارض النظام الحالى، وينتظر اليوم الذى يصل فيه غير الحزب الوطنى إلى سدة الحكم فى مصر، وربما أكون واحدا من هؤلاء، ولكننى لم أفرط يوما فى التفاؤل مثلهم، وكنت وما زلت حريص على أن أكون إنسانا واقعيا، يعترف بأن مصر صارت دولة بلا رموز، وبلا أحزاب، وبلا معارضه أيضا.
ربما تكون وجهة نظرى سليمة أو خاطئة، لكنها فى النهاية وجهة نظر، ولا تتعدى كونها وجهة نظر مفادها، أنى أصبحت على يقين شبه تام أن هذه المرحلة لن يحكم مصر فيها سوى الحزب الوطنى بكل عيوبه ومميزاته، لأن مصر صارت دولة بلا رمز، فمن منكم يستطيع أن يطرح لى اسماً يعرفه الشعب، ويؤمن به
ويستطيع أن يلتفّ حوله فى الانتخابات الرئاسية القادمة.
الأحزاب صارت مفرغة تماما فى الرموز، والحركة السياسية الشعبية اقتصر دورها على المظاهرات، والمهاترات، واستقطاب الشباب، من أجل مزيد من الشو الإعلامى، ومع الأسف الشديد، يتصور هؤلاء أن المئات الذين يحرصون على حضور مظاهراتهم التى ملت من تكرارها سلالم نقابة الصحفيين، هم شعب مصر، مع الأسف لا يعرفون أنهم فى وادى، والشعب فى واد آخر.
أما الإخوان المسلمون، أكثر التيارات تنظيما، فخطرهم على مصر فى نظرى، أكبر من أى خطر آخر، خاصة فى ظل جرعة التشدد التى يتمتعون بها، ففى حالة وصول الإخوان إلى حكم مصر، سنتراجع إلى الخلف مئات الخطوات، وستسوء علاقتنا بكل دول العالم، فيما عدا حركة حماس، ما شابهها من الحركات التى تتخذ من الإسلام شعارا من أجل تحقيق مزيدا من المكاسب السياسية.
ولا يمكننى أن أتخيل مصر فى ظل حكم الإخوان سوى دولة متخلفة، متأخرة، يغلب عليها الطابع الأفغانى، والطالبانى، ولا مانع من غلق الصحف والمسارح
ودور السينما والمراكز الثقافية، ووقتها لن يُقدّم أمثالنا حتى لمحاكم عسكرية كالتى يرفضها الإخوان، ولكننا سنحاكم بتهم الإفساد فى الأرض، وخير دليل على كلامى، إصرار الإخوان على موقفهم من الإعلان عن رفضهم التام لتولى مرأة، أو قبطى حكم مصر، حتى إذا وصل إلى الحكم بانتخابات شريفة نزيهة.
وقتها لن تصبح مصر بلدنا، لن تصبح بلد الأمان، لن يأتى إلينا الباحثون وطلاب العلم، والحقيقة أنى أتمنى أن يحدد لى أحد كوادر جماعة الإخوان، هل هم جماعة سياسية، أم دينية، أم تيار يسعى للإصلاح الاجتماعى وما هو موقفهم من سماحة الإسلام، واتفاقيات السلام، ودعوة الإسلام إلى السلام.
على أية حال، وكى لا تحصل الجماعة "المحظورة"، على أكبر من حجمها فى المقال، دعونا نعود إلى نفس السؤال، من يحكم مصر؟ من يمكنه أن يقود السفينة بنا، من يقدر الآن أن ينهض ببلادنا، وينقذها من الانجراف فى تيار الضياع السياسى والاقتصادى؟
مع الأسف ما زلت أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال صعبة جدا، لأننا أصبحنا دولة مفرغة، من كل شىء، من الرموز.. من الطموح.. من الحلم.. من الرغبة فى التغيير، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة