ينشر اليوم السابع مقال رأى لأوباما الرئيس الأمريكى فى صفحة الرأى بـ "واشنطن بوست" أكبر الصحف الأمريكية، حيث دفعت الحالة السيئة التى يعانى منها الاقتصاد الأمريكى أوباما بكتابة هذا المقال.
يؤكد أوباما خلال مقاله للشعب الأمريكى على نيته لإعادة بناء اقتصاد أكثر متانة وأفضل من أى وقت مضى، فإلى نص المقال:
استلمت إدارتى مقاليد الحكم منذ ما يقرب من ستة شهور فى وقت عانى فيه الاقتصاد الأمريكى من ركود شديد لم تعرفه البلاد منذ الكساد العظيم فى ثلاثينيات القرن الماضى، وكنا نتكبد حينئذ خسارة ما يقرب من 700 ألف وظيفة بمعدل شهرى، وتوقع الكثيرون أن نظامنا المالى على حافة الانهيار.
وعلى الرغم منذ ذلك، تمكنا من خلال أخذ إجراءات سريعة وحازمة خلال الأشهر القليلة الأولى أن ننقذ النظام الأمريكى المالى والاقتصاد مرة أخرى من الغرق فى هذه الدوامة المالية. وقد اتخذنا الخطوات اللازمة لاستئناف إقراض العائلات والشركات، ولتحقيق استقرار مؤسساتنا المالية الكبيرة، ومساعدة ملاك المنازل على البقاء فى منازلهم ودفع الرهون العقارية المدانين بها. وقمنا كذلك بوضع أكبر خطة للتحفيز الاقتصادى فى تاريخ بلادنا.
ويضيف: لم يكن من المتوقع أن يعيد قانون الانتعاش وإعادة الاستثمار الأمريكى إلى الاقتصاد المتدهور كامل صحته، ولكن كان الهدف منه توفير ما يلزم من دعم لوقف السقوط السريع، ولقد نجح حتى الآن فى تحقيق ذلك. وسيستمر هذا البرنامج، الذى سيستغرق عامين، فى إنقاذ وخلق المزيد من فرص العمل خلال هذا الصيف والخريف المقبل. ويجب علينا تركه يعمل بالطريقة المفترض أن يعمل بها، مع الأخذ فى الاعتبار أنه خلال أى ركود، تنتعش البطالة بصورة بطيئة أكثر من أى معايير أخرى للأنشطة الاقتصادية.
وأنا واثق من أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتمكن من تجاوز هذه العاصفة الاقتصادية، ولكن عندما نصل إلى هذه المرحلة سيتوجب علينا التوصل إلى إجابة للسؤال: ما الذى سنبنيه مكان هذا الحطام؟
ويقول أوباما: على الرغم من أننا بصدد إنقاذ الاقتصاد الأمريكى من هذه الأزمة المالية العاصفة، إلا أننى أصر على إعادة بنائه بشكل أفضل من ذى قبل، وذلك لأننا إذا لم نستغل هذه الفرصة السانحة لمواجهة مواطن الضعف التى طالما عانى منها اقتصادنا على مدار عقود، سنكون بذلك نسلم أنفسنا وأطفالنا إلى أزمات مستقبلية أو تباطؤ النمو الاقتصادى، أو كليهما.
هناك من يقول إننا لا يجب أن نواجه التحديات الكبيرة التى تقف فى طريقنا الآن، فهؤلاء يعتقدون أن عمل لا شىء هو الإجابة للمشكلة، ولكن هذا النهج تحديداً ما قادنا إلى هذه المحنة. تبنت واشنطن على مدار عقود منهجاً ينطوى على تجاهل التحديات الكبيرة وتأجيل أخذ القرارات الصعبة، وهذا بالضبط ما سعيت إلى تغييره عندما رشحت نفسى للرئاسة.
حان الوقت الآن لبناء أساس أكثر صلابة وقوة للنمو، يستطيع أن يتصدى للعواصف الاقتصادية المستقبلية، ويساعدنا على الازدهار والمنافسة على الساحة الاقتصادية العالمية. ولبناء هذا الأساس، نحن فى أمس الحاجة لتقليص تكاليف الرعاية الصحية التى باتت مصدراً للجدل، وخلق فرص عمل مستقبلية ضمن حدودنا، وتزويد العمال بالمهارات والتدريب الذى يحتاجون إليه للمنافسة للحصول على هذه الوظائف، وأخيراً أخذ القرارات الصعبة الضرورية للحد من العجز الاقتصادى على المدى البعيد.
وواقع الأمر، نحن تمكنا بالفعل من إحراز تقدماً ملحوظاً إصلاح الرعاية الصحية بصورة تتحكم فى التكاليف وفى الوقت نفسه، تضمن سهولة الاختيار والجودة، بالإضافة إلى التشريعات فى مجال الطاقة التى سيكون من شأنها تحويل الطاقة النظيفة إلى طاقة مربحة ينتج عنها صناعات جديدة وبالتالى وظائف جديدة.
ويختم الرئيس الأمريكى أوباما مقاله قائلاً: تزويد جميع الأمريكيين بالمهارات التى يحتاجونها للمنافسة هو الأساس التى يرتكز عليه الاقتصاد القوى، ولا نستطيع الانتظار أكثر من ذلك لعمل التغيرات الضرورية، كما يجب علينا الاستمرار فى تنظيف الحطام الذى أسفر عنه هذا الكساد، ولكننا ينبغى أن نبنى شيئاً أفضل، وهو الأمر الذى لن يكون يسيراً، بل سيحمل الكثيرون شعار تأجيل تنفيذ القرارات الصعبة. ولكن أجيال الأمريكيين الأولى لم تبنِ هذه الدولة العظيمة بخوفها من المستقبل أو تقليص أحلامها، ويتعين على هذا الجيل إظهار بعض الشجاعة والتصميم، وأنا أؤمن بقدرتنا على فعل ذلك.