واصلت الصحف الغربية تعليقها على الضجة التى أعقبت حادثة قتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى فى ألمانيا، فنجد فى مجلة التايم الأمريكية اليوم الأحد تقريرا عن هذه الحادثة ورد الفعل المصرى الغاضب عليها، والذى اعتبرته الصحيفة متطرف إلى حد ما.
وبدأت التايم تقريرها برصد هذا الغضب قائلة: آثار قتل الصيدلية مروة الشربينى حالة من الغضب المتنامى فى مصر وأصبحت تعرف فى الصحافة المحلية باسم شهيدة الحجاب، لكن مع اعتبار كل الاتجاهات فى مصر بدءاً من الإسلاميين وحتى الحكومة فقد اعتبروا مروة الشربينى رمزاُ لقضيتهم، فإن قتل الشربينى تحول من مجرد مأساة صادمة إلى سلاح الدين والسياسة.
واستعرضت المجلة قصة مقتل مروة فى الأول من يوليو داخل قاعة محكمة ألمانية، حيث قتلها المتهم الألمانى من أصل روسى الذى قاضته لإهانته لها ووصفها بالإرهابية، بطعنها 18 مرة حتى فارقت الحياة. وقد أثار الحادث حالة من الغضب فى مصر بسبب ما يبدو وكأنه تنامٍ للعنصرية فى أوروبا وحالة من معاداة الإسلام فيقول أحمد كشك أحد أصحاب المحلات متسائلاً: ما المشكلة فى ارتداء الحجاب؟ هذه عنصرية ضد الإسلام وجهل به.
وكان أكثر ما أثار غضب المصريين هو تجاهل الصحافة الغربية للحادث، فالصحف الألمانية تجاهلت الواقعة فى بداية الأمر، فى حين تناولت بعض الصحف فى القصة لعدة أيام وكانت هناك التفاصيل الإضافية بأن زوج مروة الشربينى أصيب وجُرح على يد الحارس الذى ظن فى بادئ الأمر أنه هو المهاجم.
وكل ذلك زاد تعقيده غياب اعتذار رسمى من قبل ألمانيا على هذا الحادث حتى يوم الخميس الماضى عندما اعتذرت المستشارة أنجيلا ميركل للرئيس مبارك خلال قمة الثمان الصناعية فى إيطاليا. وقد كتبت صحيفة دايلى نيوز المصرية الصادرة باللغة الإنجليزية تقول: لو كان المسلم هو المعتدى كما ظن الحارس فى البداية لكانت القصة احتلت العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام الغربية. وكانت هذه الحادثة لتؤكد على صورة المسلمين بأنهم عدوانين ووحشيين وغير متحضرين.
وتحدثت "التايم" عن رد الفعل المصرى وقالت إنه كان حماسياً، بل إن البعض يقولون إنه كان متطرفاً على حد تعبيرها. فعندما دُفن جثمان مروة فى مدينتها الإسكندرية شارك الآلاف فى الجنازة ورفعوا اللافتات ورددوا قائلين: "لا إله إلا الله، الألمان أعداء الله" و"تسقط ألمانيا". وقال شقيق الشربينى لوكالة أسوشيتدبرس، إن عائلتها سوف تنتقم من قتلها، فى حين دعا شيخ الأزهر سيد طنطاوى إلى أقصى عقوبة لقاتل الشابة المصرية واقترحت نقابة الصيادلة بمقاطعة الأدوية الألمانية.
ورغم ذلك، أوضحت المجلة إن البعض لم ينخرط فى هذه الموجة المعادية لألمانيا، فيتساءل أحد سائقى التاكسى: لماذا الموت لألمانيا معرباً عن عدم رضاه عن بعض ردود الفعل .. لماذا نلوم دولة بسبب أفعال فردية؟
لكن بالنسبة لكثيرين، فإن مروة الشربينى أصبحت شهيدة، وهى طريقة سهلة وعاطفية لإنهاء أو على الأقل صرف الأنظار عن قضايا مصر الداخلية. وتنقل الصحيفة عن أحد الصحفيين ويعدى حسام الحملاوى صاحب مدونة الطريق العربى ذات الشعبية قوله إن الإسلاميين فى مصر بدأوا بالفعل فى استخدام هذه الورقة لحشد الناس من أجل الحجاب، ليس باعتباره حقا من حقوق المراة فى ارتداء ما تريد، ولكن دفاعاً عن الحجاب.
وترى المجلة الأمريكية أن جزءاً كبيراً من الصورة البطولية التى اكتسبتها مروة الشربينى يرجع إلى إصرارها على ارتداء الحجاب. كما أن قتلها أصبح أيضا أحدث سلاح فى الجدل بشأن التعليقات التى أدلى بها الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى فى الشهر الماضى التى اعتبر فيها أن النقاب رمزاً من رموز التبعية. فقد كتب أحد المشاركين فى مجموعة أسست على موقع فيس بوك باسم "دفاعاً عن حقوق مروة الشربينى" والتى تجاوز أعضائها الألف إن هذا عمل جبان سانده كثير من السياسيين الغربيين مثل ساركوزى.. ونحن سنقف فى وجه أى عمل غير إنسانى مثل هذا".
من ناحية أخرى، البعض يتهم الحكومة المصرية أيضا باستغلال قضية مروة الشربينى لاغراض خاصة بها فالاهتمام الذى أولته الحكومة لهذه القضية والتى أطلقت عليه صحافتها اسم "حمام الدم" اعتبره كثير من المصريين سابقة نظراً لسجل الحكومة السىء فى تقاعسها عن حماية مواطنيها فى الداخل والخارج.
فجماعات حقوق الإنسان والصحافة المحلية تحدثت عن التعذيب الذى يعانى منه المصريون العاملون فى دول الخليج والذى تدير الحكومة اعينها عنه كما يبدو. كما أن الحكومة أيضا تحاول اختطاف الحدث وتحاول تقديم نفسها فى شكل وطنى دفاعاً عن المصريين فى الخارج على حد قول الحملاوى.
وبالنسبة لرجل الشارع فإن الشربينى تمثل كما يقول البعض منفذاً سهلاً للإحباط وإلهاء عن التعذيب الذى يمارسه النظام السلطوى الحاكم. وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول: يظل التأثير النهائى لموت الشربينى غير مؤكد، لكن الأمر الواضح هو أن مصر ستستمر فى التركيز على قضية الصيدلية المصرية باعتبارها شهيدة لفترة طويلة طالما رأى شخص ما أو مجموعة ما أن هذا الأمر مفيد.
