"بانوراما للمقاطعة" استطاع الكاتب الصحفى شريف عارف رصدها وجمعها مؤخراً فى كتاب تحت اسم "قطيعة"، رصد فيه حملات المقاطعة للمنتجات الأجنبية فى مصر خلال القرن العشرين، وحتى الحرب الإسرائيلية على غزة قبل شهور، من خلال ثلاثة محاور رئيسية، هى: الدين، والسياسة، والفن.
اليوم السابع التقت صاحب مؤلف قطيعة، فكان هذا الحوار:
لماذا اخترت فكرة المقاطعة لتكون موضوعاً لكتابك؟
المقاطعة ملحمة اجتماعية شعبية قادتها النخبة المثقفة وسطرتها بقية الفئات من "الأفندية" إلى الفلاحين والبسطاء، إلى الحد الذى عبرت التجربة المصرية فى المقاطعة حدود الوطن واستخدمتها دول أخرى كسلاح لتحرير أراضيها، وتأتى الهند كمثالٍ واضحٍ فى تطبيق مبدأ المقاطعة.
صحيح أنها لم تستطع أن تفرض نفسها على قاموس الواقع المصرى فى مطلع القرن العشرين، ولكنها أصبحت، وخلال سنوات قليلة، شعاراً يرفعه المصريون فى كثير من المواقف، ومحركاً رئيسًا للكثير منها.
ويرجع الفضل إلى ثورة 1919م فى إرساء مبدأ المقاطعة، سواء أكانت تجارية أم سياسية، حيث أحست مصر أنها أمام نقطة تحول تاريخية، فقد تم التواصل بين فئات الشعب المختلفة، وأصبح الكل يردد الهتافات والأشعار التى تحث على الوقوف فى وجه العدوان، منها كتابات بديع خيرى، وألحان سيد درويش، حيث يأتى نشيد "قوم يا مصرى" المقدمة الحقيقية لاشتعال الثورة، فقد ألهبت كلماته وجدان الشعب على جميع مستوياته وعلى جميع طوائفه، وأغنيات مثل "دور يا موتور" لـ"ليلى مراد، وغيرها من ألحان وكلمات كانت تدعو للاجتهاد والبحث عن منتج وطنى بديل يسحب البساط من تحت أقدام السلع الأجنبية، ويجعل التعاون مع الغرب تحت مظلة التعاون وليس السيطرة.
هل تعتقد بعد هذا الرصد لتاريخ المقاطعة أنها فعَّالة؟
نعم، وإن خفت حيناًَ وتوارت فى أحيان أخرى، ولكنه يظل أحد أهم الأسلحة المؤثرة فى حياة العدو وعلى اقتصادياته، فقد نشرت إحدى الصحف المسائية المصرية تحقيقاً حول الاستثمارات اليهودية فى مصر تحت عنوان "مدخل للسلام أم اختراق للأمن الاقتصادى.. عودة الاستثمار اليهودى إلى مصر"، وذكرت فى مقدمة التحقيق أنَّه يتردد الآن أن الرأسمال اليهودى بدأ غزو مصر بقوة، بداية بصفقة بنك الإسكندرية، ثم دخولها صفقة بنك القاهرة وشركة ميدور للبترول بالإسكندرية، واتفاقية الكويز، بخلاف القضايا العديدة التى رفعوها مطالبين بعودة ممتلكاتهم فى مصر.
ولكن البعض يردد أن المقاطعة أسلوب بدائى وغير مجدٍ... فبم ترد؟
إذا لم يكن أسلوب المقاطعة مؤثراً، فلماذا تزداد الحملات الإعلانية فى فترات الحروب؟ وكأن العدو يرجو ألا تختلط الأوراق، ويظل التعامل قائماً بين الشعوب العربية والمنتجات الأجنبية رغم التوتر القائم فى العلاقات على الساحة السياسية.
ما الموقف الصعب برأيك الذى تواجهه المقاطعة كفعل اجتماعى اقتصادى مؤثر؟
لا ينبغى أن تكون المقاطعة كلمةً رنانةً، نرفعها حين تشتد الأزمات، وما هو إلا وقت يسير وننسى، ويعود الحال إلى ما كان عليه، لا بد أن تكون المقاطعة منهجاً على مستوى المؤسسات والهيئات التى يقع على عاتقها تنمية الوطن، لا بد من إيجاد بديل لأى سلعة نريد أن نقاطعها، وهذا أفضل رد عملى على ما تقوم به بعض الدول ضد العرب والمسلمين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة