من وقت لآخر تطل علينا أزمة القمح المستورد من جديد، وبصورة أكبر مما كانت عليه من قبل، لكن فى هذه المرة لم تكن بسبب قلة المخزون من القمح، وإنما جاءت بسبب عدم جودة القمح، الذى يتم استيراده من الخارج بأرخص الأسعار ولا يصلح للاستهلاك الآدمى.
ولأن أسلوب شراء القمح من الخارج، دائما ما يشوبه الكثير من الفساد والمحسوبية والرشاوى، تم تعديل أسلوب الشراء، ليكون أكثر شفافية، وشكلت لجنة سميت لجنة شراء القمح من الخارج، تضم أربعة عشر عضوا من عناصر قانونية وقضائية، وعلى رأسها أحد نواب مجلس الدولة، ورغم ذلك تقوم هيئة السلع التموينية بشراء احتياجاتنا من القمح من الشركات الخاصة، حيث تقوم بالإعلان عن توريد القمح، وبعدها تتقدم لها الشركات، ويتم البت فيها خلال ساعات، حتى يتم ترسيه العطاء على إحداها لتوريد القمح بعد ذلك بعدة أيام.
الدكتور نادر نور الدين مستشار وزير التموين لهيئة السلع التموينية سابقا أكد على أن غالبية شحنات القمح التى يتم استيرادها من الخارج تكون غير مطابقة للمواصفات نتيجة لجوء المستورد إلى شراء الأقماح الرديئة لتحقيق أعلى ربح، وهو ما تم الكشف عنه من خلال شحنات القمح المتحفظ عليها حاليا فى الموانئ، خاصة فى ميناء دمياط، وبورسعيد والإسكندرية، والتى تبلغ ست شحنات على السفن وتحمل 360 ألف طن قمح روسى غير مطابق للمواصفات القياسية، وأن هذه الأقماح سيظل التحفظ عليها لحين عودتها إلى الدولة الموردة لها فى حالة صدور قرار بذلك من الجهات المختصة، وإما أن يتم السماح لها بالدخول إلى الأسواق المصرية بعد غربلتها، والتأكد من خلوها من الحشائش والبذور السامة.
نادر أشار إلى المشكلة التى نواجهها الآن هى أن هناك بالفعل ما يقرب من مليون طن قمح أوكرانى وروسى فى الأسواق وصوامع التخزين غير مطابقة للمواصفات القياسية منذ العام الماضى، وأكبر دليل على أن القمح الأوكرانى غير مطابق للمواصفات وأنه قمح ردىء لا يصلح للاستخدام الآدمى، هو أنه تم التحفظ عليه فى الصوامع منذ العام الماضى وحتى الآن وعدم استخدامه فى إنتاج رغيف الخبز البلدى المدعم، بسبب انخفاض نسبة الجيلوتين به المسئولة عن تماسك العجين أثناء عملية إنتاج الخبز، وذلك لحين الانتهاء من حصاد القمح المحلى لكى يخلط به للتغلب على مشاكل القمح المستورد الذى تظهر آثارة السيئة عند إنتاج الخبز.
نادر قال إن الطريقة التى يتم من خلالها، عملية تخزين القمح، هى من أهم مصادر إتلافه، حيث يتم تخزين القمح فى صوامع منتشرة فى جميع المحافظات، ولفترات طويلة دون أى اهتمام من جانب المسئولين، فى المتابعة فعندما يأتى قمح جديد يذهب إلى المطاحن فورا، بدلا من تخزينه مكان القمح القديم، وذلك لتوفير نفقات وسائل النقل، وهو ما يترتب عليه إتلاف القمح المخزون فى الصوامع، بالإضافة إلى أن بعض أصحاب المطاحن، يقومون بإشباع القمح بالمياه لفترات طويلة أثناء عملية الغسيل، لزيادة وزن القمح، وهو ما يزيد نسبة الرطوبة التى تؤدى إلى إخراج خبز غير جيد، لا يصلح للاستهلاك الآدمى.
فى الوقت ذاته اتهم الدكتور فريد إسماعيل عضو مجلس الشعب الحكومة فى التلاعب بالشعب المصرية لتعمدها فى استيراد أقماح روسية تستخدم علف للمواشى والحيوانات، مشيرا فى سؤاله العاجل الموجه إلى الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء والدكتور على مصلحى وزير التضامن الاجتماعى والدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار، أن الحكومة تتحايل على القانون، لتسريب الاقماح الفاسدة، فى الأسواق المصرية مدللاً على ذلك بما تم ضبطه وتحريزه فى صوامع الحسينية بمحافظة الشرقية من أقماحٍ فاسدةٍ، مخالفًا لكلِّ المواصفات .
ونبَّه النائب فى سؤاله البرلمانى العاجل الحكومة إلى أن مجلس الشعب ونوابه لن يسمحوا بقتل الشعب المصرى، مشيرًا إلى أن هناك تكليفاتٍ قد أصدرها الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب قبل نهاية الدورة البرلمانية للجنة الزراعة برئاسة عبد الرحيم الغول، بأن اجتماعاتها مستمرة، وفى حالة انعقاد دائم لمواجهة هذا الملف القذر.
لمعلوماتك
14 مليون طن قمح إجمالى الأقماح التى يستهلكها الشعب المصرى سنويا محلى ومستورد
مليون طن قمح أوكرانى فاسد فى صوامع التخزين و360ألف طن روسى فى الموانئ المصرية
الأربعاء، 01 يوليو 2009 08:41 ص
أزمة القمح الفاسد تتصاعد والحكومة ترفع شعار الأقماح جيدة