المتابع لإعلانات التلفزيون على معظم القنوات الأرضية والفضائية يلاحظ كثرة مسابقات التى تعتمد على الاتصال، وفى آخر الإعلان يضع لك رقما أرضيا ورقم محمول للاتصال، وأقل سعر للدقيقة هو جنيه ونصف، وبالفعل إذا اتصلت لابد وأن تسمع إعلانات وموسيقى لتستهلك أكبر قدر من الدقائق، لماذا انتشرت هذه المسابقات، وبهذا الكم الهائل؟ سؤال يستحق الدراسة مننا، لأنها زادت لدرجة أنها أصبحت ظاهرة، وفى بعض البرامج يكاد يقول لك المذيع الإجابة الصحيحة، لكى يشجعك على الاتصال، فاتصالك سيرفع من إيرادات برنامجه وسيعود عليه بالخيرات.
أنا هنا لا أشكك فى مصداقية هذه البرامج والمسابقات، فهى تقدم المبلغ المعلن عنه كهدية للفائز، لكن كم ألفا اتصلوا، للحصول على هذه الجائزة التى فاز بها فرد واحد؟ بالتأكيد رقم كبير يعادل أضعاف قيمة الجائزة، وإلا ما صرفوا على هذه الإعلانات. فبكل تأكيد هى عملية مربحة اقتصادية لأصحابها. لكن يبقى السؤال، لماذا هذا الانتشار، ولماذا نجحت هذه السلعة – اتصل الآن – عن أى سلعة أخرى، هذا ما سأحاول التحدث عنه..
فقانون العرض والطلب قانون اقتصادى يفسر انخفاض وارتفاع الأسعار، وفحوى هذا القانون أنه إذا تساوى عرض المنتج مع الطلب عليها اعتدلت الأسعار، لكن هذا لا يتحقق على أرض الواقع دائماً، فيزيد العرض على الطلب مما يسبب انخفاض الأسعار بنسبة ازدياد العرض على الطلب، أو يزيد الطلب على العرض فيؤدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة ازدياد الطلب على السلع المعروضة.
إذا طبقنا هذا القانون الاقتصادى على سلعتنا – اتصل الآن – نجد أنه بما أن السلعة زادت وانتشرت هذا الانتشار الكبير، إذا الطلب زاد عليها من الجمهور!!
للأسف، العقلية القدرية – وما أكثرها فى بلادنا – التى لا تريد أن تتعب فى العمل تنتظر "ضربة الحظ" لترفعها على طريقة مصباح علاء الدين "شوبيك لوبيك عبدك وبين إيديك" واطلب كل ما تريد، وسينفتح لك باب منجم الذهب لتأخذ منه ما تريد، لكن قد يفتح الباب وتمسك بالفعل الذهب، ولكن لا تستطيع الخروج به، فقد خسرت نفسك وخسرت الذهب معاَ!!
لماذا نريد أن نحصد من حيث لم نزرع، لماذا نريد أن نكسب من الهواء؟؟ لماذا نصير مستهلكين ونصبح مصادر غنى لأناس مستغلين لاحتياجاتنا المادية؟ للأسف استبدلنا التفكير المنطقى، والتخطيط، والعمل الجاد، بضربة الحظ التى قلما ما تأتى وعندما تأتى يأتى معها ما يأكلها، فحيثما تكثر الخيرات يكثر الذين يأكلونها.
وأما عن حماية المستهلك فإن فى القانون رقم 67 لسنة 2006، والخاص بحماية المستهلك، يوجد تعريف عن كلمة "العيب" فى المنتج نصه كالتالى: "العيب كل نقص فى قيمة أى من المنتجات أو نفعها بحسب الغاية المقصودة يؤدى إلى حرمان المستهلك كلياً أو جزئيًا من الاستفادة بها فيما أعدت من أجله، بما فى ذلك النقص الذى ينتج من خطأ فى مناولة السلعة أو تخزينها، وذلك كله ما لم يكن المستهلك تسبب فى وقوعه".
وبالطبع هذا ينطبق على السلع الغذائية والصناعية أكثر، لكن إذا اعتبرنا أن منتج – اتصل الآن – هو سلعة وطبقنا عليه قانون حماية المستهلك، ووضعناه تحت ميكروسكوب كلمة "العيب" سنجد أن ضرر هذه السلعة أكثر من نفعها، فهى سلعة مستغلة وتستنزف أموال الناس بلا أى نفع، وبالتالى يجب على جهاز حماية المستهلك أن يتخذ إجراءاته التى يتخذها عند ضبط سلعة غير صالحة للاستخدام الآدمى، وخاصة أنى أتوقع أن مستهلكى هذه السلعة – اتصل الآن – هم من الأطفال والمراهقين.
كلمة أخيرة لك عزيزى القارئ، يمكننا بأيدينا أن نوقف هذا الاستنزاف عن طريق مقاطعة مثل هذه الإعلانات والمسابقات المستفزة، فاتصالنا هو المشجع لمثل هذه الشركات أو الأفراد للاستمرار.أتريد مصلحتك ومصلحة مجتمعك، ووقف هذا الاستنزاف؟ كلما تشاهد أى مسابقة من مسابقات "اتصل الآن" فمن فضلك لا تتصل، لا الآن، ولا فيما بعد الآن.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة