تحت عنوان "شباب التلال يغذى نار الاستيطان فى الضفة الغريبة"، نشرت صحيفة لوموند تقريرا يتطرق لمظهر جديد من مظاهر الاستعمار الإسرائيلى باتت تشهده الضفة الغربية، يتبناه مجموعة من الشباب الإسرائيلى يطلق عليهم "شباب التلال"، أصبحوا يمثلون قوة ضاربة من المستوطنين تقف فى وجه السلطات، ويحدوها حلم تثبيت أقدامها فى الضفة الغربية لبناء إسرائيل الكبرى، إيمانا منهم بأحقية الإسرائيليين فى أرض فلسطين، وبالتالى ضرورة طرد العرب لتحقيق ذلك.
تذكر الصحيفة أن الاستيطان الإسرائيلى فى الضفة الغربية يتخذ مظاهر متعددة. فهناك أولا، إذا جاز التعبير، المستعمرات "الكلاسيكية" أو التقليدية، المقامة منذ زمن بعيد نوعا ما وراء الجدار الأمنى. وهناك أيضا المستعمرات العشوائية، وهى نقاط الاستيطان الحديثة التى تتألف من بيوت متنقلة، والتى تمثل نقطة انطلاق لعمليات مستقبلية من سرقة الأراضى.
وبالإضافة إلى ذلك، بات هناك من الآن فصاعدا نوع آخر من نقاط الاستيطان أكثر عشوائية، تنمو كالفطريات هنا وهناك وفقا لرغبة المستوطنين، ومعظمهم من الشباب الذين يستقرون فى أى مكان يجدونه مناسبا من وجهة نظرهم. وواحدة من تلك البؤر الاستيطانية هى معوز استر.
تقع معوز استر شرق رام الله على بعد كيلومتر واحد من مستوطنة كوخاف هشاخر خارج الأسلاك الشائكة المحيطة بها. وهى الهدف الجديد لهؤلاء المستوطنين من الشباب، والذين لا يوقفهم شىء على ما يبدو. فقد جاءت الشرطة بالفعل مرتين لهدم بعض تلك المنازل المتنقلة والمعبد اليهودى، وكانت آخرها يوم 3 يونيو، وعلى الرغم من أنه لم يبق منها سوى الأنقاض بالإضافة إلى بعض الأشياء الأخرى التى تم إنقاذها من أسرة وغسالات وثلاجات وأرائك، إلا أنه فور تدمير تلك المنازل، يجتهد الشباب الإسرائيلى لإعادة بنائها فى أسرع وقت ممكن. وفى نفس المساء، يقام المعبد من جديد.
وتنقل الصحيفة أقوال بعض هؤلاء الشباب الإسرائيلى المشاركين فى تلك العمليات الاستيطانية، ومنهم أميشاف البالغ من العمر 17 عاما، والذى يؤكد بأسلوب لا يخلو من التبجح، كما تشير الصحيفة : "إلى أن أجدادنا عاشوا دائما هنا، ومن ثم فعلينا ألا نفقد الأمل، حتى ولو وضع السيف فوق عنقنا. وإن أراد الله سنقوم بالبناء حتى الأردن". ويقارن أميشاف بين الرئيس الأمريكى باراك أوباما وبنبوخذنصر وتيتوس الغزاة الذين شاركوا فى تدمير الهيكل الأول والثانى فى القدس.
وفى المقابل، ترى أمونة (18 عاما) أن "العدو الحقيقى ليس أوباما (الذى دعا إلى وقف للاستعمار)، وإنما هم العرب الذين يجب طردهم من هنا. فهم لن يحصلوا على قطعة من هذه الأرض"، وتضيف أن هناك العديد من التلال غير المأهولة، وأنه "كلما أصبحت تلك التلال مأهولة، كلما أتى الخلاص سريعا".
أما يوسف (15 عاما)، فيصرح عن عدم خوفه من مخيم البدو الكائن بالقرب من معوز استر، مضيفا: "إذا هجم لص على منزلك، فسوف تدافع عن نفسك، وهم يعلمون أن هذه الأرض هى أرضنا". وتشير الصحيفة إلى احتمال وجود مشروع من 250 وحدة سكنية، من المتوقع تنفيذه فوق التل المقابل. فى الوقت الذى تم فيه زرع تلك البيوت المتنقلة فى جميع أنحاء كوخاف هشاخر، كما أعدت التربة لاستقبال منازل أخرى جديدة.
وقد قام هؤلاء الشباب أيضا بإقامة بعض المنازل المؤقتة القريبة من مستعمرة ميجرون العشوائية قرب رام الله. ولم ترهبهم حقيقة أن ميجرون قد أقيمت على أراض فلسطينية، خاصة ومنتظر إزالتها وفقا لقرار من المحكمة. بل وحتى أنهم لم يطرحوا على أنفسهم أى تساؤل بهذا الشأن، وإنما وقع اختيارهم على عدد قليل من الهكتارات من الأراضى المزروعة زيتونا، والتى أطلقوا عليها رامات ميجرون، وأقاموا عليها ذلك الموقع الاستيطانى. وعلى الرغم من أن الشرطة قد دمرت ما بنوه، إلا أنهم قاموا فى تلك المرة أيضا بإعادة البناء. يؤكد موشيه (15 عاما): "سوف نقوم بإعادة البناء حتى تجهد قوى التدمير"، فى حين يرتدى زميله قميصا كتب عليه "نحن نسير على خطى الحاخام كاهان"، وهو أحد العنصريين المتطرفين، الذى قتل فى الولايات المتحدة عام 1990.
وتذهب الصحيفة إلى أن مخالب الاستعمار تمتد فى كل اتجاه، انطلاقا من تلك النقطة الثابتة التى حددت فى عام 1977. ومن ثم، وبدافع إيمانهم وبروح ريادية، عقد هؤلاء الشباب، أو "جنود مشاة الاحتلال"، كما وصفتهم الصحيفة، العزم على الإقامة بأى ثمن فيما يعتبرونه ملكا مقدسا لهم، حيث يروا أن استرجاع تلك الأراضى إنما هو واجبهم.
ولن يقوم بإيقاف هؤلاء الشباب لا الحكومة ولا أوباما، إذ إنه كما يقولون "من هم مع الله هم من سيفوزون". فهم على اقنتاع بأن الشعب الإسرائيلى جميعه يقف وراءهم، وأن مهمتهم هى مهمة إلهية وأن كفاحهم قد بدأ لتوه. وعلى الرغم من أن السلطات الإسرائيلية قد قررت وضع حد لهؤلاء القناصة، إلا أنها لم تنجح فى ذلك. وسيكون عليها قريبا مواجهة المستوطنات العشوائية الحقيقية، أو على الأقل ستة وعشرين من بين المائة مستوطنة المقامة. تخلص الصحيفة إلى كونها معركة تبدو حادة، خاصة وقد بات الوضع مهدد بالانفجار.
لوموند: الشباب الإسرائيلى يغذى نار الاستيطان بالضفة
الثلاثاء، 09 يونيو 2009 05:01 م
تقرير بصحيفة لوموند بعنوان "شباب التلال يغذى نار الاستيطان فى الضفة الغريبة"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة