كانت الساعة تقترب من الثالثة فجرا، عندما دق جرس الهاتف فى منزل السيدة سناء، الأمر الذى كان ينبئ بأن مكروها ما قد وقع لأحد أفراد عائلتها، فهرعت لتجيب المتصل وهى تردد خير اللهم اجعله خير، وهمت برفع السماعة لتجد على الطرف الآخر صوت محدثها قائلاً: الحقينا يا تيته بابا هيموت ماما، فلم تجد أمامها غير الصراخ دون أن تعرف من يحدثها، وبعد أن بح صوتها تبين لها أن نجل ابنتها سمر هو الذى يحدثها عندما سمعت صراخ ابنتها وصوت زوجها وهو يتوعدها بالقتل، إذا لم تقم بالتوقيع على إيصالات الأمانة التى أمامها ورغم أن الوقت كان متأخرا لدرجة تعجز سيدة فى مثل ظروفها عن التصرف حيث تقيم بمفردها بعد وفاة زوجها، وزواج جميع أبنائها إلا أنها فى لحظات كانت ترتدى ملابسها، وخرجت إلى الشارع تبحث عن وسيلة مواصلات تقلها إلى مسكن ابنتها، لتلحق بها قبل أن تلقى حتفها على يد زوجها دون أن تدرى السبب وما قصة إيصالات الأمانة التى يريد توقيعها عليها، أسئلة كثيرة دارت فى ذهن السيدة وهى فى طريقها لنجدة ابنتها، ولا تملك أساليب النجدة فماذا عساها أن تفعل وهى ضعيفة لا حول لها ولا قوة أمام هذا الوحش الكاسر الذى لم يراع مشاعر صغاره ؟
وصلت سناء إلى منزل ابنتها لتجدها ملقاة على الأرض فاقدة الوعى وصغيراها من حولها فى حالة بكاء هيستيرى، فأسرعت تستغيث بالجيران لمساعدتها فى نقلها لأقرب مستشفى علها تفلح فى إنقاذها من الموت إثر الضرب المبرح الذى لاقته على يد زوجها
فى المستشفى، كانت الشرطة تستمع لأقوال المصابة فى البلاغ المقدم من والدتها ضد زوجها متهمة إياه بمحاولة قتلها، وإكراهها على التوقيع على إيصالات أمانة على بياض، فكانت المفاجأة التى هزت الجميع عندما علموا سبب المشاجرة التى نشبت بين الزوجين وقادتهما إلى هذه الأحداث المؤسفة.
قالت شيماء لضابط الشرطة: زوجى بخيل جدا بدرجة لا تطاق ليس هذا فقط، بل إنه رجل لا يعرف الرحمة الأمر الذى أفقده معانى الإنسانية تصور أنه يتلذذ فى حرمان أبنائه من الطعام والشراب فى الوقت الذى يمتع نفسه بكافة الملذات غير مكترث بمشاعر صغاره المحرومين تجاهه من جراء تصرفاته الشاذة، وبصعوبة بالغة استطردت سمر فى حديثها قائلة بخله وصل لمرحلة بشعة فهو لا يذهب لعمله قبل أن يحدد لى عدد قطع اللحم التى سأقوم بطهوها، ليس هذا فقط بل يخص نفسه بالنصيب الأكبر ولا يترك لى ولأبنائى غير الفتات، وفى يوم الحادث عاد للمنزل وقد اشترى اثنين كيلو من البرتقال، ابتلع سبعة حبات منها وأبقى خمس برتقالات وذهب لينام، فى الوقت الذى كان ابنى الصغير مريضا، ويعانى من ارتفاع شديد فى درجة حرارته ووقفت عاجزة عن فعل شىء.
أمام رفض والده إعطائى نقودا لأذهب به إلى الطبيب فأخذت البرتقالات المتبقية، وقمت بإعداد عصير له، خاصة أن مرضه حال دون تناوله للطعام مع عمل كمادات علها تفلح فى خفض درجة حرارته، ظن الضابط أن سمر تتحدث فى أمور فارغة، وطالبها بشرح أسباب مشاجرتها مع زوجها ليذكرها فى المحضر دون التطرق لتفاصيل لن تفيدها فى شىء فأجابته بأن البرتقالات الخمس كانت السبب وراء محاولة زوجها قتلها وتوقيعها على إيصالات الأمانة، فجن جنونه وظنها تخرف إثر الضرب الذى تعرضت له، لكنها أكدت له ما تقول حيث استيقظ الرجل من نومه، ولم يجد ما تبقى وعلم بقيامها بإعداد البرتقال كعصير لابنه المريض فاستشاط غضبا، وحاول تكسير ضلوعها ولم يكتف بذلك، وقام بإكراهها على التوقيع على إيصالات الأمانة حتى يشكوها بها حال قيامها بفعل مماثل.
ظن الضابط أن سمر تبالغ فى روايتها لكنه فوجئ باعتراف زوجها بما قالته فكاد يفتك بها، إلا أنه سرعان ما تدارك حساسية موقفه، وطالبها بضرورة الخلاص من هذا الرجل، وطلب الطلاق منه لتنجو بأبنائها من جحيم العيش معه، فسارعت لمحكمة الأسرة تطلب خلاصها، ورغم أن تصرفات زوجها الشاذة كانت أمرا معتادا بالنسبة لها، إلا أنها فاجأها بموافقته على تطليقها شرط أن تدفع له 20 ألف جنيه، حصلت عليها مؤخرا كميراث عن والدها فى منزل قاما ببيعه، مقابل التنازل عن كافة مستحقاتها ليتمكن من الزواج من أخرى.
وعندما رفضت طلبه هددها بأخذ أبنائها منها، خاصة أنهم ليسوا فى سن الحضانة وسيقوم بحرمانهم من التعليم، إلا أنها لم تستسلم لسلوكياته وطالبت بضم الصغيرين لها لعدم صلاحية الأب لرعايتهما والحفاظ على حياتهما، خاصة بعد أن أقر الطفلان بعدم رغبتهما فى العيش مع رجل أذاقهما شتى صنوف وألوان العذاب النفسى والجسدى، القضية أمام المحكمة وسمر فى انتظار القرار.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة