محمد عبد السلام يوسف يكتب:كما تموت البعير

قالوا فى الأمثال: بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم
فما بالك لو مهمل وظالم فى نفس الوقت!!
مرحبا بشعب وأنا مالى ما دام بعيد عن....، مشكلتنا يا سادة وراثية، وهى الخوف من السلطة والموت وقله الراحة وانعدام العدل.

صادفت يوما طفلا لقيطا وميتا فى صندوق زبالة، وقد تجمع حوله عشرات النساء والأطفال، وكل أنثى تأتى بجارة لها لم تنجب لعل ذلك يكون سببا فى أن تحمل!! ومرت ساعة وطلبت شرطة النجدة لأخبرهم بالواقعة وطلبوا بياناتى فى التليفون وما أن قدموا حتى سألوا علىَّ واقتادونى إلى قسم الشرطة واللقيط الميت ما زال مكانه وهناك استجوبتنى المباحث، ثم توجهوا بى إلى النيابة وسألونى وكأنى أنا الفاعل والقاتل، وأجبت أننى المبلغ خشية ان تأكله الكلاب.

وأحال وكيل النيابة الموضوع إلى طبيب الوحده، وطلب تقرير بالواقعة وانتقلت مع مجموعة من الشرطة إلى حيث اللقيط الميت وحملناه فى سره من القماش وتوجهنا به إلى الوحدة الصحية وبحثنا أكثر من ثلاث ساعات على الطبيب وكتب تقريره وعدنا به إلى النيابة وصرحت بالدفن ودفناه وعرضت على النيابة التى أخلت سبيلى من سراى النيابة مع شكر شفهى من وكيل النيابة لما قمت به من عمل خير وعدت مساء إلى منزلى وأنا اشعر بسعادة لم أشعر بها فى حياتى.

وتقابلنا يوميا مشاكل يبدو فيها الظلم واضحا ونعلمه ولا نتكلم ولا نتحرك ولا نتأسف ولا نبكى على المظلوم ولا نلوم الظالم ولا نعاتبه ولا ننهره ونجامله حتى لا يأتى علينا الدور ويظلمنا ويبطش بنا.. فإن ترك الظالم مكانه لعنا أيامه وكفى.

مطلوب ياسادة يا كتاب ومفكرين وأصحاب الأقلام النظيفة موسوعة وطنية تشتمل على كل ما واجه الفساد وانتصر عليه سواء فى مصر أو فى أى بقعة فى العالم لتكون دليلاً، ومرشداً للأجيال القادمة التى تخاف العسكرى بسبب أو بدون سبب وتخاف المسئول الظالم بسبب أو بدون سبب وتخاف الجار الجائر بسبب أو بدون سبب وتخاف أن تفتح فاها حتى لتتثائب.

مطلوب من كل أب وكل أم أن تعلم أولادها الجرأة فى الحق ونبذ الظلم ورد الظالم عن ظلمه ونصرة المظلوم.. وتسير بنا الأيام إلى أن نتركها.. فلنتركها عزيزة قوية فى ساحات الجهاد ضد كل ظالم، ولا نموت على فراشنا كما تموت البعير.. لا نامت أعين الجبناء.