بلغت المعركة الانتخابية فى لبنان ذروتها، حيث بدأت أمس السبت عملية التصويت التى تستمر اليوم، وتشهد الانتخابات منافسة حامية بين كل من جماعة "14 آذار" والتى تمثل الأكثرية فى البرلمان بزعامة سعد الحريرى فى مقابل المعارضة "قوى 8 آذار" والتى يمثل حزب الله العمود الفقرى لها.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين شاعت حالة من التوجس والخيفة من فوز حزب الله والفريق المؤيد له، حيث شهدت مناطق متفرقة من لبنان حالات عنف و"رشى انتخابية"، إلى جانب الضغوط التى مارستها الدول صاحبة المصالح فى لبنان على أتباعها لضمان نتائج الفريق الذى يحمى مصالحها، ومن المؤكد أن تلك الضغوط لن تمر دون تأثير على النتائج النهائية للانتخابات.
ويرى سيد أبو زيد سفير مصر السابق فى لبنان أن الساحة اللبنانية اعتادت على التدخلات الخارجية منذ أن استقلت فى عام 1946 سواء من قبل أمريكا أو سوريا أو إيران، ولكن ستقل تأثيرات تلك التدخلات فى هذه الانتخابات خلافاً للسابق "نظراً لوجود قطبين واضحين لكل منهما أنصاره".
كما يقلل أبو زيد من تأثيرات عمليات الرشوة الانتخابية على الناخبين، مشيراً إلى أن الشعب اللبنانى "مسيّس ولن يتأثر بمثل هذه الألاعيب" فضلاً عن أن الأمور فى لبنان تتعلق بالطوائف والمذاهب"، ويستحيل أن يتخلى أحد عن مذهبة الدينى ومبادئة بالرشوة".
ووسط حالة الحذر التى تسيطر على الجميع من فوز حزب الله اتخذت الدول مواقف متباينة أيضاً، فعلى الرغم من عدم إفصاح الولايات المتحدة عن موقف محدد ستتخذه فى حالة فوز حزب الله إلا أنها أبدت تخوفها على الساحة اللبنانية وتوتر الوضع بالمنطقة وامتداد النفوذ الإيرانى، وذلك بالعكس الموقف الفرنسى، حيث أكدت فرنسا أنها ستتعامل مع الحكومة الجديدة أياً كان اتجاهها.
ويؤكد أبو زيد على أنه لا يوجد مبرر للخوف من فوز قوى "8 آذار" فى الانتخابات حيث إنها ليست حزب الله فقط، بل تضم شيعة ومسيحيين وكافة الأطياف، كما أن المسيرة السياسية فى لبنان تحددها اتفاقيات كثيرة منها الطائف وإعلان الدوحة الأخير وكلها اتفاقات ترسى مبادئ المحاصصة والطائفية ولن تتغير حتى لو فازت المعارضة.
وأضاف أبو زيد أنه على الولايات المتحده إذا كانت تؤمن بالديمقراطية كما تقول فلابد أن تقبل بكلمة "الصندوق الانتخابى"، كما أن حزب الله متواجد بالفعل فى المجلس النيابى وفى الحكومة وهو أمر ليس بجديد. لافتاً إلى أن المقاومة ستكسب كثيرا من جراء فوزها فى الانتخابات. "من أهم مكاسبها الحفاظ على المقاومة فى لبنان واستمرار تملكها للسلاح والسعى لإقامة علاقات متميزة مع الدول الخارجية".
من جهته توقع رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات، أنه فى حالة فوز قوى 8 آذار وحزب الله فى الانتخابات، فسوف تسود علاقات جيده بين لبنان وكل من مصر والسعودية، حيث سيسعى نصر الله إلى إيجاد توازن فى العلاقات مع الدول العربية بما يخدم المصلحة المشتركة، وأضاف "إلا أن علاقة لبنان بأمريكا وإسرائيل ربما شابها التوتر، حيث ستضطر أمريكا للتعامل مع حكومة يمثل بها نصر الله وأنصاره الأكثرية، خاصة أن سياسة أوباما تسعى إلى إقامة علاقات ذكية مع جميع الأطراف فى المنطقة".
إلا أن فوز قوى "8 آذار" على الجانب الآخر يعنى خطوة للأمام لصالح إيران والتى تعج من أبرز القوى التى تحرك المشهد السياسى فى لبنان.
ويرى الدكتور محمد مجاهد الزيات نائب رئيس المركز القومى لدرسات الشرق الأوسط أن إيران من مصلحتها الأولى زعزعة الاستقرار والتوتر فى تلك البقعة الهامة من الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الدعم الإيرانى لحزب الله يهدف إلى التدخل المباشر وغير المباشر فى شئون دول المنطقة، مشيراً إلى المحاولات الإيرانية الأخيرة للتدخل فى الشأن المصرى، ودعم الميليشيات المسلحة فى العراق والتى رصدت له أكثر من 100 مليون دولار لتمويلها.
وهو الرأى الذى أكده الدكتور عادل سليمان رئيس المركز العربى للدراسات المستقبلية، حيث أكد أن النفوز الإيرانى مرتبط بإستراتيجيات طهران التى تطبقها على أرض الواقع فتوجيه عمليات إرهابية كبرى فى الخارج تحفظ الأمن والاستقرار فى الداخل الإيرانى "وهذا الأمر ملموس جدا على الساحة اللبنانية ودعمها المسلح والسياسى المباشر لميليشيات حزب الله، فهى تستخدم سياسة التخويف والترهيب لتحقيق مآرابها".
فيما أكد حسن صبرا الخبير فى الشئون اللبنانية ورئيس تحرير مجلة الشراع اللبنانية أن فرض إيران لنفوذها على الأراضى اللبنانية ممثلة فى حزب "سيؤدى إلى تدمير لبنان".
وفى السياق ذاته أكدت الدكتورة أمانى الطويل الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن أيران تتمدد فى مناطق الفراغ الموجودة بالعالم العربى، وهدفها فى ذلك هو دعم استقرارها الداخلى للمضى قدما فى برنامجها النووى والحفاظ على إنتاجها من البترول، مشيرة إلى أن إيران "لم تكتف فقط بالتدخل فى الشئون العربية بل وصلت إلى الدول الأفريقية ومن أبرزها كينيا التى تسيطر إيران على مجال الإنشاءات والتعمير فيها والسنغال والسودان بالرغم من أن السودان تعتبر من أكبر الدول التى حاربت التمدد الشيعى على أراضيها بكل قوى".
خبراء: فوز "8 آذار" سيجبر أمريكا على التعامل مع نصر الله
الأحد، 07 يونيو 2009 09:33 ص