بعد مرور ستة أشهر على العملية العسكرية "الرصاص المصبوب" التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة، كيف يعيش سكان غزة اليوم؟ لا يزال السكان غير قادرين على إعادة بناء حياتهم.. معظمهم يكافحون لتلبية احتياجاتهم.. المرضى المصابون بأمراض خطيرة يواجهون صعوبة فى الحصول على العلاج الذى يحتاجونه. كثير من الأطفال يعانون مشاكل نفسية خطيرة.
المدنيون الذين دمرت ممتلكاتهم ومنازلهم خلال النزاع لا يتمكنون من إعادة بنائها... تلك هى خلاصة تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذى نشر أمس الاثنين 29 يونيو، والذى يعرض صورة للوضع المخيف الذى يشهده الغزاويون ويعكس اليأس العميق الذى يشعر به هؤلاء الأهالى الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة.
أجرت صحيفة "لوموند" الفرنسية حوارا مع أنطوان جراند، رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى غزة حول الوضع هناك، والذى يخلص إلى أن إنهاء هذه الأزمة لن يتأتى إلا من خلال التوصل لحل سياسى.
يشير أنطوان جراند إلى أن مظاهر الأزمة التى يعيشها سكان غزة تظهر على جميع المستويات، وفى المقام الأول على الجانب الاقتصادى. فمنذ الحصار الذى فرضته إسرائيل فى يونيو 2007، عقب وصول حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى السلطة، لم تعد هناك صادرات فى غزة فى الوقت الذى انخفضت فيه الواردات بمقدار ثلاثة أرباع، والتى أصبحت تقتصر على مواد الغذاء الأساسية. ونتيجة لذلك، لم يعد المصابون بأمراض خطيرة من أهالى غزة يتلقون العلاج الذى يحتاجونه.
ومن ناحية أخرى تدهورت البنية التحتية بصورة واسعة، كما أنه لا يسمح بدخول معدات البناء إلى غز، على الرغم من أن من ثلاثة إلى أربعة آلاف من المنازل قد دمرت كليا خلال الهجوم الإسرائيلى، وبين ألفين وثلاثة آلاف قد دمرت جزئيا. وقد أدت كل تلك العوامل إلى تدهور ملحوظ فى الظروف المعيشية للغزاويين.
وحتى لو كان الأهالى يتلقون المساعدات الطارئة، فإن مبلغ الـ4.5 مليار يورو الذى تعهد المجتمع الدولى بمنحه لإعادة إعمار غزة خلال المؤتمر الذى عقد فى شرم الشيخ فى مارس الماضى، لا يزال حبرا على ورق.
وردا على سؤال حول رأيه ما إذا كانت إسرائيل هى المسئولة عما يحدث فى غزة،
أكد أنطوان جراند على مسئوليتها الكاملة. فعلى الرغم من مخاوفها الأمنية المشروعة، نتيجة إطلاق الصواريخ التى ضربت أراضيها وأيضا مشكلة الجندى الإسرائيلى جلعاد شليط، يتسائل جراند هل يعد كل ذلك سببا لإغراق 1.5 مليون من سكان غزة فى حالة البؤس التى يعيشون فيها، هل يبرر هذا الحصار.
ويؤكد على اعتقاده إمكانية تحقيق الأمن دون تعريض السكان المدنيين الفلسطينيين للخطر، فهم ليسوا مسئولين فى نهاية الأمر عن أى شىء مما يحدث، ولكنهم هم الذين يدفعون الثمن باهظا.
وحول أكثر الشرائح تضررا من الأزمة فى غزة، يؤكد جراند أن جميع
السكان المدنيين دون استثناء متضررون نتيجة الحصار، إذ لا توجد أسواق ولا يوجد عمل. والطلاب الذين يملكون منحا دراسية للسفر إلى الخارج لا يستطيعون مغادرة الأراضى. ووفقا لآخر الإحصاءات، فإن معدل البطالة قد بلغ نحو 45%. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانخفاض الحاد فى الواردات منذ 2007 قد أصاب بشدة قطاع الصناعة، مع فقدان عشرات الآلاف من الوظائف (70 ألفا، وفقا للتقرير).
ولكن بعيدا عن نتائج الصراع، يشير أنطوان جراند أن التأثير النفسى للأزمة يمثل أكبر المخاطر التى يتعرض لها الغزاويون، خاصة بين الشباب، الذين يمثلون نصف عدد السكان. ووفقا لآخر تعداد للسكان، بلغ عدد الأطفال دون سن 18 عاما 700 ألف. كما يشير جراند أن تزايد الشعور باليأس يظهر أيضا فى مشاكل التغذية، حيث يعتمد النظام الغذائى للأطفال على مستوى دخل أسرهم.
.وفى النهاية ينصح جراند بإعادة فتح نقاط العبور لتحسين الوضع فى غزة، مؤكدا على أهمية إجراء حوار سياسى مباشر بين الأطراف المعنية. وذلك لأن إنهاء الأزمة فى غزة تحتاج إلى حل سياسى أولا قبل الحلول الإنسانية.
لا يزال السكان غير قادرين على إعادة بناء حياتهم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة