"إذا كلفت بكتابة خطاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذى سيلقيه فى القاهرة، فما هى العناصر التى كنت ستضمنها فيه؟". سؤال طرحته صحيفة "لوموند" فى إشارة إلى الرسائل الإلكترونية والأفكار وأجزاء النصوص التى تبادلها الخبراء خلال الفترة الماضية، حيث شغل بالهم محاولة تصور ما قد يتضمنه خطاب أوباما الذى سيوجهه غدا الخميس للعالم الإسلامى من داخل جامعة القاهرة، والذى أمضت العقول المفكرة فى السياسة الأمريكية أسابيع لصياغته، وذلك نظرا لأهمية هذا الخطاب الذى يسجل محطة هامة فى استراتيجية أوباما، تهدف إلى تخفيف حدة التوترات فى الشرق الأوسط، كما تذهب الصحيفة.
ومن ثم فقد شبهت مراسلة الصحيفة فى واشنطن أهمية هذا الخطاب بالخطاب التاريخى لأوباما فى فيلادلفيا فى 2008 حول العنصرية، أو أيضا بخطاب براج، بداية شهر إبريل، حول "عالم خال من الأسلحة النووية".
وقد كان المشارك الأول فى كتابة هذا الخطاب هو أحد الشباب الذين يتبعون أوباما منذ أن أعلن عن ترشيحه للرئاسة الأمريكية، واسمه بن رود، يبلغ من العمر 31 عاما، والذى يمثل أول نجاحاته مشاركته فى إعداد التقرير الخاص بالعراق لجيمس بيكر ولى هاميلتون. ويعد هذا التقرير بداية حل الالتزام الأمريكى تجاه العراق وسياسة التقارب مع سوريا وإيران التى يطبقها اليوم باراك أوباما.
تذكر الصحيفة أن خطاب أوباما يمثل أحد وعود حملته الانتخابية للمئة يوم الأولى من الرئاسة، والذى يهدف إلى تحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية فى العالم العربى والإسلامى بعد غزو العراق، حيث كان قد ورد فى أحد فصول الحملة الانتخابية لأوباما تحت عنوان "التحدث مباشرة إلى حضور مسلم": "سوف يقول أوباما بوضوح أننا لسنا فى حرب ضد الإسلام، وأننا سنقف إلى جانب من هم على استعداد للاستنفار لصالح مستقبلهم، وأننا فى حاجة إليهم لهزيمة رسل الكراهية والعنف".
اختيار القاهرة كان الأنسب
وتتحدث الصحيفة عن الأسابيع التى أمضاها المحيطون بالرئيس أوباما للإجابة عن السؤال التالى : ما هو أنسب مكان لإلقاء الخطاب؟ إندونيسيا، حيث عاش أوباما خمس سنوات؟ بعيدة عن "مسرح الأحداث".. المملكة العربية السعودية؟ منعزلة تماما ولا تناسب هذا النوع من التظاهرات.. عمان؟ قريبة جدا من بيروت ودمشق والقدس.. لم يبق إذن سوى القاهرة و"شارعها العربى" وشهرتها كمنارة ثقافية فى الشرق الأدنى، حتى ولو كانت هذه العاصمة تشهد مشاعر قوية مناهضة لأمريكا وحرية سياسية محدودة.
وما إن تم الإعلان عن اختيار القاهرة لإلقاء الخطاب، حتى انطلق جدل واسع : هل سيلتقى أوباما ومعارضو النظام المتسلط للرئيس مبارك؟ ظل الأمر مبهما قبيل ثلاثة أيام من الزيارة، واكتفى البيت الأبيض بالإشارة إلى أنه قد تم دعوة "جميع ممثلى السياسة المصرية" إلى الجامعة، وأن أوباما سيقابل عددا من الصحفيين المصريين تأكيدا من جانبه على أهمية حرية الصحافة.
من هم المسلمون الذين سيتوجه إليهم أوباما؟
وتشير الصحيفة إلى أن محتوى الخطاب لا يزال مجهولا، على الرغم من أن روبرت جيبس، الناطق باسم البيت الأبيض، قد وصفه بأنه يشكل جزءا هاما من جهود أوباما لسد الفجوة التى تفصل بين أمريكا والعالم الإسلامى.. تلك الجهود التى تندرج فى إطار سلسلة من المبادرات الأمريكية الموزونة بعناية منذ يناير الماضى، مثل الإشارة إلى مسلمى أمريكا فى خطاب التنصيب، واللقاء التلفزيونى الذى أجراه مع قناة "العربية"، وأيضا رسالة أوباما بمناسبة العام الإيرانى الجديد... تستنتج الصحيفة من خلال كل تلك المؤشرات أن يكون الخطاب ذا طابع "ثقافى" أكثر منه "سياسى"، متطرقا إلى انقسام العالم الإسلامى بين الشيعة والسنة والتهديد الذى يمثله الأصوليون المتشددون فيه.
وتمضى الصحيفة مشيرة إلى التشكك الذى يبديه بعض الباحثين حيال فكرة توجه أوباما إلى المسلمين بشكل عام، خوفا من تدعيم المبدأ الخاطىء بأن الإسلام والغرب يشكلان كينونتين منفصلتين ذات قيم مختلفة بشدة الواحدة عن الأخرى، كما سبق وكتب كل من أوليفيه روى وجوستين فيس فى صحيفة "النيويورك تايمز" فى ديسمبر 2008. وهو ما ذهب أيضا إليه جون ألترمان، الخبير فى شئون الشرق الأوسط فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قائلا : "لو قال لى أحد إلى من سيتوجه الرئيس أوباما بخطابه، سأكون شاكرا لفضله (...) هل سيتوجه إلى المجتمعات ذات الغالبية المسلمة، أم إلى مئات الملايين من المسلمين الذين يعيشون كأقليات فى باقى دول العالم؟".
يبدو أن باراك أوباما كان واعيا تماما لتلك العقبة، فقد تحسب لها وأشاد بمساهمات المسلمين من الأمريكان داخل المجتمع الأمريكى. وتخلص الصحيفة إلى أن من ينتظر فى حقيقة الأمر الرئيس الأمريكى هو العالم العربى أكثر من العالم الإسلامى. بيد أن البيت الأبيض قد كبح من التوقعات الخاصة بشأن عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين، عندما أشار إلى ضرورة عدم انتظار اقتراحات ملموسة بهذا الصدد، وحتى لو كان أوباما سيبدأ زيارته بالرياض للتحدث مع الملك عبد الله حول إمكانية التفاهم بشأن عدد من التنازلات المتبادلة من جانب إسرائيل وجيرانها فى إطار التوصل لحل شامل لتلك القضية.
ومن ثم يظل هدف تلك الزيارة، كما حدده مستشارو أوباما : "تغيير مسار الحديث مع العالم الإسلامى".
ما هى العناصر التى كنت ستضمنها فى خطاب أوباما؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة