قد يلحظ المتابع للشأن العام المصرى.. أن البلد يعيش حالة من العشوائية وانعدام التخطيط، وأن روح العشوائية تسيدت على كل مظاهر الحياة بداية من السياسة وحتى كرة القدم.
ولكن إذا دققت النظر فى الأمور بعض الشىء ستنجلى أمامك الحقيقة بدون تزييف، وهى أن كل شىء يدار فى البلد بانضباط وتنظيم ومقدرة عالية لفهم جميع المعطيات المتغيرة على جميع الأصعدة.. فالمسئول عن تقزيم القوى السياسة وإقناع الشعب بأنه غير ناضج بعد للعيش فى ظلال الديمقراطية.. هو هو المسئول عن تقزيم الشركات القومية والادعاء بأنها تخسر من أجل خصخصتها.. هو هو المسئول عن تردى حال التعليم لكى ترفع الدولة يدها عن التعليم وتتركه للجهات الخاصة من ذوى الثقافات المتعددة والذين يهمهم فى الأساس فكرة تعظيم الربح.
هو هو المسئول عن تقزيم أندية كرة القدم ولاعبيها ليصبح فى مصر نادى القطب الواحد ولاعبيه هم فقط الأكفاء الذين على خلق قويم، فنجد اللاعب الخلوق حبيب البسطاء ونجد الشيخ ذا السلوك القويم فيصبح نادى الأخلاق والمبادئ فى استثناء صارخ وتعدٍ مجحف فى حق جميع الأندية.
فما ذنب ذلك الموهوب المخضرم ساحر الكرة المصرية بلا منازع.. اللاعب الخلوق عن جدارة واستحقاق... اللاعب المتواضع الذى عليه يطرق فى الأرض خجلاً فى حين تحمر وجنتاه السمر، كما طرح الخير فى طمى الأراضى المصرية الجميلة.. إذا باغته أحد الأشخاص وأبدى إعجابه به وبمهارته العالية.. أثناء تجوله فى أحياء وشوارع مدينته الإسماعيلية.
حمص الذى لم يمتلك سيارة إلا قبل سنوات قليلة فقط.. وكان يركب التاكسى ويستخدم البيجو مثله مثل أى إسمعلاوى يريد أن يذهب إلى العاصمة.. هل ذنبه أنه اختار بمحض إرادته أن يلعب لناديه الذى أحبه والذى تربى وترعرع فى جنباته.. هل ذنبه أنه لم يحترف فى نادى الأخلاق والقيم.. حمص ذلك الأسمر الجميل ذى الثلاثين ربيعاً، والذى لم يشارك مع المنتخب فى مباريات دولية سوى فى ست عشرة مباراة فقط.. معظمها كانت مباريات ودية أمام عمان ولبنان وغيرها من المباريات التجريبية وكان المدرب يعيده إلى الإسماعيلية مرة أخرى مكسور الجناح.. فى حين أن لاعبين كثيرين لا يتمتعون بربع موهبة حمص رصيدهم من المشاركة مع المنتخبات الوطنية يفوق عدد مشاركات هذا الموهوب بمراحل.. لا لشىء سوى أنهم يلعبون لنادى القيم والمبادئ.
حتى حسن شحاتة نفسه يدفع ثمن زملكاويته إلى الآن ويُهاجم هجوماً قاسياً وعنيفاً جداً، ويتناسون أنه المدير الفنى للمنتخب الوطنى ولا ينسون أبداً انتماءهم لنادى الأخلاق والقيم حتى ولو كان هذا على حساب المنتخب.. حتى عصام الحضرى لم يسلم من الهجوم والنعت بالخيانة والمطالبة بسحب الجنسية المصرية منه لا لشىء سوى لأنه حاول أن يعيش عصر الاحتراف الذى صدع به أدمغتنا به مسئولو نادى القيم والمبادئ.. ففى حين كانوا يطمعون فى ضم أى لاعب من أى نادٍ كانوا يطلون علينا فى الفضائيات مرددين أسطوانات عصر الاحتراف وأننا لابد وأن نواكب الركب، ولكن حينما أراد الحضرى أن يجرب العيش فى عصر الاحتراف انقلبت الآية رأساً على عقب، وأصبح خائناً وعميلاً، أما خالد بيبو وإسلام الشاطر ومحمد عبد الله ومحمد بركات وعماد النحاس وأحمد فتحى، فهؤلاء من حقهم أن يعيشوا عصر الاحتراف طالما سيعيشونه داخل جدران نادى القيم والمبادئ، وطالما سيقزم النادى الإسماعيلى.
فيا مسئولى نادى القيم والمبادئ ويا إعلامنا الأحمر؛ كفاكم مجاملات وانتبهوا للمصلحة المشتركة.. فأنتم رأيتم بأعينكم كيف عندما تتاح الفرصة للاعبين من الأندية الأخرى فإنهم يثبتون موهبتهم ويصبحون قادرين على برهنة موهبتهم ورأيتم أيضاً طعم الفوز النبيل.. الفوز لأنى الأفضل، وليس لأن الآخرين أقزام.
