هى قارورة عطر خام انسكب منه القليل، فكانت العطور التى نعرفها.. هى ألق الخمر وانسيابه الجدول.. شمس أشرقت .. نسمات أتت فحالت الهجير إلى جنات.. قمر أنار.. بهجة أطلت.. لم يصدق عندما وجدها.. ظهرت كالقم .. دبت بأوصاله الحياة.. تحول تعبه المقيم إلى قوة.. والحزن الغتيت إلى فرح وعبوس الوجه إلى بشر وحبور .. اصبح كائنا اخر غير الذى كان يعهده .. تتكلم فيصغى لصوتها الملائكى.. يحاول الإطالة ليستمع.. ليرى جمال المبدع فى قسمات وجهها الصبوح الذى صدق الشاعر فى وصف مثله عندما قال: وكأن منثور الرمان بوجنتها لو دبّ فيها خيال الذّرِ لانجرحا.. ربتت عليه.. منحته الدفء.. أعطته الأمل.. دفعته إلى القمة.. لفته بالشذى.. غمرته بأحاسيس فياضة.. شاركته أمره.. شاطرته حزنه.. خلقت مساحات فرح ونزعت فدادين شوك.. أخذته فى صدرها كوليد.. هدهدته.. صفقت شعره.. غطت فى ليالٍ باردة جزءا بسيطا انحسر عنه الغطاء.. توقظه بعاصفة قبلات.. تختصر المسافة.. تترقب حضوره.. تحذره من الغياب.. لا يذهب إلا لعمله.. يترقب الوقت ليسرع إليها.. هى كل البشر..هى الحضور والسكينة والحفل.. هى الروابى والدروب وشلالات أعالى النيل وينايبع فياضة ترتوى وتروى دون حد.. شعرها سواد ليل ينام فيه.. ويصحو على أجمل ما رأت عيناه من الوجوه.. الإشارة منها أسطر يفهمها.. النظرة من عيونها الحور تواصل مستمر وسط الناس الغافلة التى لا تفهم الشفرة.. لو تحدثت ترك ما فى يده منتبها وكأنها ستقول ما سيغير التاريخ.. لا يعبأ بعارضات الأزياء.. لا يتوقف عند واحدة من نجمات هوليود.. كيف تنظر عيناه إلى غيرها وهى المادة الأولى للتكوين.. وفجأه.. تحولت.. فرت من أمامه.. حدّثته بتعال.. ضحكت ساخرة.. تحولت دون التفات.. أشاحت بوجهها عنه.
انصرفت.. تركت المكان.. احتبست أنفاسه.. اكتئبت دواخله.. لاذ بالصمت.. غرق فى نفسه.. خارت قواه.. انشطر قلبه.. لم يتوقف دمعه.. تلاشت إجاباته.. كثرت تساؤلاته.. توقفت يده.. لم تتحرك قدمه.. يؤلمه ظهره.. هجره النوم.. ابتلعه الحزن.. طارت عصافير الجنة فزعة. تغيرت الألوان فى قوس قزح فلم يجد سوى الأسود الحالك.. ضاعت المعالم من عينه.. جامد بلا حراك.. تعالى صوت لم يتبينه بالخارج مناديا.. تحرك بصعوبة.. فتح.. أطل.. كانت هى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة