أحمد عثمان مرعى يكتب: على حافة الزمن

السبت، 27 يونيو 2009 10:15 ص
أحمد عثمان مرعى يكتب: على حافة الزمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على حدود الزمن الرمادى، بيتٌ قديمٌ متهالك، لا تخلو واجهته من بقايا عزٍ قديم وأبهةٍ كانت، يجاور ترعة آسنٌ ماؤها، وفى المقابل ساقيةٌ مهجورة لم يتبق لها غير"شَّدادٍ" لا يجد من يشده، فيتدفق منه السلسبيل، يروى حقول الجفاف التى تحيط بالمنزل العتيق، وشجرة توتٍ تعرّت أغصانها من كسائها، هجرتها البلابل وغدت وكراً للبوم، يزحف الليل، يستغشى المكان، يلف الصمت الأنحاء، إلا من نقيقِ ضفادعَ، ونُباح كلبٍ على البعدِ ضال، بصيص ضوءٍ يتسلل من نافذة البيت المتشح بسوادِ الليل، بينما تُسمع هينمات طفلٍ رضيٍع تهدهده امرأة عله ينام، وتمتمات شيخٍ يستعيُذ من الشيطان، الجو قارص برودته، والسماءُ ملبدةٌ بالغيوم، والطريقُ موحلةٌ من بقايا أمطار، يتدانى دبيبُ أقدامٍ لزجةٍ مثقلةٍ بالأوحال على عواء ذئاب، ونعقة بومٍ من فوق الأغصان، ، تقترب الأقدام، تتبدى الأشباح، ملابسهم تدل عليهم، فى المقدمة منهم دليل شؤم وخراب، يخالط نقيق الضفادع المتصاعد، عويل الرياح، يزاحمه عواء الذئاب ونباح الكلب المتحشرج، الرعب يكتنفُ حتى الجدران على وقع غوص الأقدام الأشباح يقتربون يتفرقون، يتحفزون، يقتحمون البيت، تُسمعُ أصوات العبث الهمجى، صرخة رعبٍ من امرأةٍ شابة وصرخاتُ فزعٍ من طفلٍ رضيع، استغاثةِ شيخٍ هرِم، أصوات لطمات، وصيحات ألمٍ وأنين، أصداء عنفٍ مبرح، وصدام حطام، شبح يخرج مهرولا، محتضناً الرضيع الصارخ، تلحقه المرأة متهتكة الرداء والدثار، يلاحقها كبير الأشباح، تقاومه، تدفعه، يطرحها أرضاً، فتسقط مُكبة على شدادِ الساقيِة الخشبى، يُشَجُ جبيـنـُها، تحاول النهوض، نظراتها الدامية الملهوفة، تلاحقُ الوليد الذى ولىَّ، تصرخ، تستجير، تتناهبُها مخالب الأشباح، نعيق البوم يخترق الليل وعلى هزيمِ رعدٍ، يومض البرق، ينفجر بركان السماء، تتقاطرُ دموع ُالغِيمِ بحبات المطر الأسود، يشيبُ الكونُ على صراخ امرأةٍ تُغتصب، وأنات شيخٍ هدَّهُ العجزُ والألُم، واستغاثة (يــــــا ر بـــــــــ) تشق السماء، يخيمُ الصمت تتلاشى الأشباح، يخلو المكان، ولا يتبقى إلا (طريحٌ بغير ضريحٍ ) وأطلالُ بيت كان وحُطام امرأة، كانت امرأة ومحضُ أوحال،




* مخرج مسرحى






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة