وجب المشرع المصرى على كل من يبلغ ستة عشر عاماً من مواطنى جمهورية
مصر العربية أن يتقدم بطلب للحصول على بطاقة تحقيق الشخصية ذات الرقم
القومى، ويجب أن تحتوى البطاقة على عدة بيانات حددتها المادة ٣٣ من
اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية من بينها ديانة صاحب البطاقة.
بداية وقبل كل شيء نقول إن الديانة هى أحد البيانات الأساسية، التى
أوجب المشرع إثباتها فى المستندات التى تصدرها مصلحة الأحوال المدنية،
نفاذاً لأحكام القانون رقم ١٤٣ لسنة ١٩٩٤ ولائحته التنفيذية، والديانة
التى لا خلاف عليها فى المجتمع المصرى التى يتم إثباتها فى خانة الديانة
مقصورة على الأديان السماوية.
المشكلة الحقيقية والأزمة التى تبحث عن طوق النجاة هى طلب معتنقى
البهائية إثبات هذه العقيدة فى خانة الديانة، وقد ذهب البعض إلى أن
البهائية ليست من الأديان السماوية الثلاثة المعترف بها، كما أنها تناقض
الشريعة الإسلامية، التى تعد المصدر الرئيسى للتشريع.
وقد ذهب البعض الآخر إلى أن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع وليست لأحد
بعينه، والمقصود بحرية الاعتقاد أن لكل إنسان عقيدته، الذى يحاسب العباد
هو الله، وكتابة ما يعتقده الإنسان حتى ولو خالف الديانات السماوية فى
خانة الديانة أمر ممكن ولا ضرر منه، بل هو تمييز واجب لمن هم خارجون عن
الديانات السماوية، فكتابة بهائى فى خانة الديانة تبرئ منه أى ديانة أخرى،
وتمنع أن ينسب البعض أنفسهم إلى الديانات السماوية الأخرى، وهى بريئة منهم.
ونحن نرى أن الأمر يحتاج إلى مشرط المشرع والتدخل بجراحة تشريعية
بسيطة، عن طريق إضافة خانة أخرى فى البطاقة الشخصية والمستندات الرسمية
باسم (المعتقد) فنحل مشكلة الديانات الوضعية، فأصحاب الديانات السماوية
تتم كتابة ديانتهم فى خانة الديانة، وأصحاب الديانات الوضعية تتم كتابة
عقيدتهم فى خانة المعتقد، ولن يترتب على ذلك عقبات، ولن ندخل فى باب
الاعتراف أو عدم الاعتراف بهذه العقيدة، لأنها ستكون فى خانة مغايرة لخانة
الديانة.
والموضوع الثانى المطروح على بساط البحث خاص بالعقيدة الدينية ومدى تأثيرها
على التعيين فى الوظائف العامة.
جميع الاتفاقيات والوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان وضعت مبدأ «الناس سواسية أمام القانون» دستوراً شرعياً.
ورسمت حدود هذا الدستور عن طريق النص صراحة على حق المواطنين فى تولى الوظائف العامة فى بلادهم وعدم جواز التمييز بينهم وكان الدستور المصرى حكيماً عندما دوَّن بين صفحاته هذا المبدأ، وأعلن على الملأ مبدأ المساواة بين الجميع، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة.
والنتيجة المنطقية التى تعقب ما سطرناه فى هذا الصدد، أن جهة الإدارة يتعين عليها تعيين من يعتنق البهائية أو غيرها إذا تقدم لشغل إحدى الوظائف الشاغرة، ولا تملك حرمانه من تقلد الوظيفة العامة، لمجرد أنه يعتنق هذه العقيدة، فى حالة توافر الشروط اللازمة للتعيين فى هذه الوظائف.
