لماذا لا نفوز بكأس القارات؟ سؤالى الأسبوع الماضى، كان محاولة لاستيعاب حالة الإحباط التى ودعت بعثة المنتخب الوطنى إلى جنوب أفريقيا، قبل مجيئه من الجزائر.. كانوا سيئين بالفعل، «وزعلنا بجد»، وخلفوا غباراً كثيفاً، كان من الصعب التخلص منه فى يوم وليلة، ولكنهم اكتشفوا فى جوهانسبرج أرجلهم، وأنهم فى حاجة إلى أن يلعبوا معا، اللعب بمعناه الفطرى (لا الخططى)، وشاركهم حسن شحاتة الحريف طموحهم، وعادت «دماغ» غانا 2008، مع مسحة ارتجال إضافية، ظهر الفريق فى مباراته الأولى أصغر سنا، وأنه ذهب ليحتفل بأعياد قديمة، أو بشىء مفرح سيريح المشجع، الذى تعب أكثر مما ينبغى، ولا يعجبه العجب، الفريق بدون ميدو وعمرو زكى صار أخف، لأنه تخلص من عبء نجوميتهما، وجعل الوجوه الجديدة تغير شكل «الأفيش»، ويقف الشارع يشاهد فريقا تحول ببساطة شديدة إلى «قوى عظمى»، جعلت البرازيل بجلالة قدرها تفوز فى الدقيقة الأخيرة بضربة جزاء «عليها مشاكل»، وجعلت حارس الفريق الفائز يقول لأحد زملائه أثناء المباراة مندهشاً «بيلعبوا زينا»، وجعلت دونجا يرفض الكلام عن الفريق المصرى، ويطالب الصحفيين بسؤاله عن فريقه فقط، حسن شحاته كان الأفضل، لأنه جرىء وتعامل مع المباراة بروح المدرب لا المدير الفنى، ودفع اللاعبين إلى استعراض مهاراتهم والتعبير عن أنفسهم بتلقائية فى الملعب، فجاءت المباراة جميلة بالفعل، وظهرت البداهة المصرية فى أزهى صورها، البداهة التى تخلص الناس من الخوف، وظهرت خفة الدم التى تتجلى فى التمريرات القصيرة السهلة المتلعثمة الدقيقة، وتأكد الجميع أنك فريق «له حيثية» على أرض الملعب، فى مباراة إيطاليا لعبنا بطريقة إيطاليا، بعد ترميم الدفاع، ونجحنا فى سرقة المباراة من أشهر فريق يسرق مباريات فى تاريخ اللعبة، واستعدنا بها عصام الحضرى مرادفاً للفرح، وكسبنا حمص وأوكا، وسهر رئيس الجمهورية لوقت متأخر، وأعدنا اكتشاف سيد معوض ووائل جمعة من جديد، وأيضاً أحمد عيد عبدالملك الموهوب (والذى ينبغى أن يقول له أحد.. إن الابتسامة صدقة)، ولأول مرة أقتنع أن محمد شوقى لاعب «ضرورة»، ولكنى أعرف أن أحمد فتحى لا حل له، وعبر تريكة عن أحلامه الريفية الطيبة بطفولة غنية بالموسيقى والخيال، انسجمت مع طفولة زيدان التى تفضح ملامحه، أنت أمام فريق آخر، غير الذى خذلنا فى الجزائر وقبلها فى القاهرة، فريق يحتاج فرقا كبيرة أمامه لكى يبدع، ويحتاج جمهورا معه «كتالوجه».. حسن شحاتة أجاد، وعليه أن يتخلص من فكرة أن خصومه يكيدون له، وأنه يتعرض لمؤامرة، وأن يعرف أننا نتحدث عن لعبة، وأنه من الطبيعى أن يهاجم إذا أخفق، وأن يقدر حاجة الناس للفرح، وأنهم عندما يكون فريقهم فى حالة طيبة، ويتغنى كثيرا معه بالنشيد الوطنى، يشعر أنه ليس بمفرده، وأنه سيجد فرصة للكلام مع المغلوبين مثله فى المواصلات العامة، وبين المكاتب فى العمل، وفى أماكن الانتظار، وأنه ينبغى أن يحتمل الغضب الذى يظهر بعد الانكسارات، الانكسارات التى يتوقف بعدها الكلام، ويشعر كل واحد على حده أنه مهزوم، ولايستهين بما تفعله اللعبة خارج اللعب، حسن شحاتة أبدع وأمامه التحدى الأصعب، وهو حصد 12 نقطة فى أربع مباريات، لكى نتغنى معه بالنشيد الوطنى فى جنوب أفريقيا العام المقبل، فى كأس القارات، قفزت مصر قفزة كبيرة فى تاريخ اللعبة، لأن شيئاً خفياً دفعها للتعبير عن طموحها، ببساطة وعفوية، وجعلت المشجع (الذى يبحث عن أى انتصار حتى لو فى كرة القدم)، ينظر أثناء اللعب إلى إعادة طرح موضوع توريث الحكم فى مصر، كأن الأمر لا يعنيه!. أما موضوع مصر وأمريكا.. فهو موضوع قديم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة