بعد مرور أكثر من أسبوعين على خطاب الرئيس الأمريكى فى جامعة القاهرة للعالم الإسلامى، لاتزال التفاعلات وردود الفعل تتوالى، فى محاولة لرسم تصورات حول الخطاب بالرفض أو القبول، لكن أحداً لم يتطرق إلى ضرورة أن يكون التفاعل مع الخطاب من وجهة نظر عربية أو مصرية، ويبدو هناك سؤال مهم، ماذا لو كان الرئيس أنور السادات يستمع إلى خطاب أوباما، وكيف كان من الممكن أن يتعامل معه، الأمر لا شك كان سيكون مختلفاً، هذا ما يحاول الإعلامى الكبير محمد جوهر استكشافه من خلال مقال، يتخيل فيه أن الرئيس السادات استمع إلى خطاب أوباما، وألقى خطاباً قدم فيه رد الفعل فى صورة مشروعات سياسية. ولا شك أن السادات كان من الممكن أن يرى فى الخطاب خطوة نحو أفكاره تجاه السلام، وإمكانية إقامة تعايش فى المنطقة والعالم.
حضر الرئيس المؤمن محمد أنور السادات وسيدة مصر الأولى السيدة الفاضلة جيهان السادات، خطاب الرئيس الأمريكى باراك حسين أوباما فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، وقد أعرب الرئيس السادات عن عميق ترحيبه بمحتوى الخطاب وشدد على القول: كما أن على الولايات المتحدة الأمريكية، والتى تملك 99 % من مفتاح عملية السلام فى الشرق الأوسط، فإن علينا الآن تحمل الدور الأكبر لتبعات الرؤية الجديدة للرئيس أوباما لحل مشكلة الشرق الأوسط.
ووصف الرئيس السادات الخطاب بأنه يمثل صوت أمريكا الذى كنا نود سماعه منذ مدة، وليست أمريكا 11 سبتمبر التى كان صوتها محطما بالخوف، ويئن تحت عويل الانتقام، ترك لنا .. بل وللشعب الأمريكى «فقط» الاختيار الأسوأ.
وأعرب الرئيس عن كامل سعادته بأبنائه من الشعب المصرى الكريم الذى أحاط الرئيس أوباما بكل هذا الترحيب والذى تجلى فى الصرخةالشبابية التى أطلقت فى القاعة «نحن نحبك يا أوباما»، وكذلك عزوف المصريين فى القاهرة جميعا عن النزول إلى الشوارع فى هذا اليوم التاريخى الخالد، لترك حركة المرور أمام هذا الشاب الأسمر، ذى الجذور الأفريقية، والتى تتربط مع جذور الرئيس السادات شخصيا.
وعلق الرئيس السادات بأن علينا اتخاذ خطوات جادة نحو محاربة التطرف، واحترام جميع شعوب المنطقة للعيش فى سلام، ليس فقط بالكلمات وإنما بالأفعال.. وعليه فقد اتخذ القرارات الآتية لدفع التطرف:
وقف جميع أشكال العنف الموجه من الدولة ضد أبنائها، وحفظ جميع حقوقهم فى حرية التعبير، والحق فى إيجاد فرصة عمل لكل شاب ودعا الشركات الأمريكية العملاقة إلى الدخول فى السوق المصرية لتعظيم فرص العمل.
كما أصدر الرئيس قرارا فوريا لتحسين نظام التعليم وتوفير الخدمات الصحية، وتقدير قيمة العمل على أساس أنها المحاسبة لكل أفراد هذا الشعب.. القادر على تخطى الفساد.. كما أصدر قرارا بتوجيه 15 % من الدخل القومى للبحث العلمى ودور العلم والعلماء.
كما دعا رواد الثقافة والإعلام والذين يزخر بهم هذا الوطن لتبنى برامج جديدة، توجه من خلال الوسائل الإعلامية لقضية التنوير، وكذلك مؤسسات المجتمع المدنى التى أصبح لها دور أساسى فى دفع شباب هذا الوطن ،للتحلى بالتفكير العلمى المنطقى، ودعا الأزهر الشريف هذه المؤسسة الإسلامية الغالية على كل الشعوب الإسلامية، للرجوع إلى أفكار وحيثيات الوسطية، وقبول التطور، التى زرعها الشيخ محمد عبده وغيره وأمثاله من كبار العلماء والمفكرين.
وفى هذا المجال دعت سيدة مصر الأولى المسلمين فى جميع أنحاء العالم، إلى الأخذ بسبل التطور، وعدم الوقوف أمام دعوات السلفية.. وأثنت على قول الرئيس أوباما فى حرية المرأة فى تغطية رأسها، بدون أن نغفل حريتها فى التعليم وفرص المساواة.. وأفاضت: إن الحجاب وسيلة، الغرض منها حماية المرأة، ولن تكتمل حمايتها إلا إذا أطلقنا قانونا جديدا للأحوال الشخصية يساوى فى حقوقها مع الرجل، وحقها فى العمل وتبوؤ المناصب.. ودعت سيدات العالم الإسلامى إلى عدم التركيز على الأشكال والمظهريات القديمة منها أو الموضة، وإنما التوجه إلى الغاية التى يقصدها الدين الإسلامى الحنيف بل وجميع الأديان السماوية الأخرى.
وصرح الرئيس السادات بأنه استمع بآذان صاغية مثله مثل بقية أبنائه وبناته فى المجتمعات الشرق أوسطية، لما أدلى به الرئيس أوباما نحو القضية الفلسطينية الإسرائيلية.. والذى ظهر فيها جليا الضغط على الحكومة الإسرائيلية، حتى تمضى قدما فى عملية السلام بدءا بإيقاف بناء المستوطنات، وإقامة الدولة الفلسطينية التى ينتظر قيامها العالم كله وليس أمريكا فقط.. وأذكر العالم أجمع أن الرئيس السادات عندما بادر بالقيام بزيارته التاريخية للقدس، وضع العالم كله أمام مطلبين رئيسيين للشعب العربى وهما، الانسحاب الكامل من الأرض العربية المحتلة عام 67 وقيام الدولة الفلسطينية.. ولا يسع الرئيس السادات الآن إلا أن يتقدم بعدة مبادرات مباشرة للشعب الإسرائيلى الذى قبل المصريون تمسكه بالأرض «داخل حدود 67» وتسهيلا عليهم فى فك المستوطنات التى تمثل على البعض منهم عبئا، دعونا لا نجعله عقبة أساسية أمام مستقبل العيش فى أمان لأولادنا جميعا.
أولاً: عقد دورة غير عادية لوزراء الخارجية العرب مع أئمة وشيوخ الفكر الإسلامى، للاعتراف والوقوف بقوة نحو كل الجرائم ضد الإنسانية بما فى ذلك الجرائم التى ارتكبت فى حق اليهود «الهولوكست» حتى نعلن جلياً أن هذه الجريمة لم نرتكبها ولم نشترك فيها، ونبعد عن أنفسنا شبهات استغلالها لتغيير الموضوع بعيداً عن جرائم إسرائيل الحالية وانتشالها من دور الضحية.
ثانياً: التقدم بمبادرة جديدة تدعو الإخوة العرب إلى قبول مبدأ السياحة لإسرائيل فى مقابل فك المستوطنات، بمعنى قبول زيارة العرب للدولة الإسرائيلية بأعداد تتناسب طردياً مع أعداد المستوطنات التى يبادر نتنياهو بفكها.
ثالثاً: جعل جمهورية مصر العربية بكامل مؤسساتها الصناعية «منطقة كويز»، مع زيادة نسبة المكون الإسرائيلى من %11 إلى %12 من كامل الصناعة المصرية، على أن يساهم الجانب الأمريكى فى إضافة تكنولوجية جديدة، تعمل على تطوير الصناعة المصرية، وفتح باب العمل أمام الشباب المصرى.
رابعاً: فتح صفحة جديدة للحوار، تبنى على مبدأ حسن الجوار بين مؤسسات المجتمع المصرى العام والمدنى والهيئات والنقابات والجامعات ومراكز البحث العلمى، ومثيلاتها فى كل من إسرائيل وأمريكا، حوار مباشر يتركز على أساس التعايش السلمى وقبول الواقع، ويتناسب طردياً مع فك المستوطنات وبناء الدولة الفلسطينية.. على أن نقوم باستفتاء عام قبل القيام بهذه الخطوة، نتوجه به للشعب المصرى الكريم ليعلن دون مواربة رغبته فى تطوير العلاقة من عدمها.
خامساً: إنشاء منطقة إعلامية مفتوحة فى مدينة شرم الشيخ، يلتقى فيها الإعلاميون العرب، والأمريكيون والإسرائيليون والفلسطينيون، ويتجاوبون معاً فى نظرتهم لتصدى ما نلاقيه من مشاكل، ويروج لفكرة العمل المشترك لحل مشكلات الشرق الأوسط سلمياً ،بدلاً من الاعتماد على أفكار الحقد والعنف وطريق الحرب والكراهية.
أما بالنسبة لمساعدة الإخوة الفلسطينيين لبناء دولتهم، فقد قرر الرئيس السادات فتح مؤسسات الدولة المصرية للتعليم والاعداد والتدريب وإعادة البناء للبنية الأساسية الفلسطينية من مدارس ومعاهد وجامعات.. والأزهر الشريف والمراكز الدينية.. وإنشاء مدينة إعلامية تتآخى مع المدينة الإعلامية المصرية، داخل الدولة الفلسطينية الحديثة وداخل غزة.
وكذلك فتح بنوك مصرية داخل فلسطين مع ربطها بالبنك المركزى المصرى، وذلك لدفع العجلة الاقتصادية الفلسطينية ودفعها للعمل بوتيرة ثابتة وأكيدة، لإنشاء كيان فلسطينى ثابت ومستقل عن الدولة الإسرائيلية.
وكذلك ستتوجه جمهورية مصر العربية نحو دعم الدولة الفلسطينية دبلوماسيا بتوجه مباشر نحو روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبى حتى تكون هناك مظلة للدبلوماسية الفلسطينية مؤيدة بالجهود الدولية والمنظمات العالمية.
ولكن لن أخفى القول لأبنائى من أفراد الشعب الفلسطينى أن الفرقة التى دبت بينهم.. والاختلاف الجنونى.. أصبح هو العائق الأول أمام السلام.. إن جرائم إسرائيل التى ترتكبها ضد الشعب العربى لا تقارن بما نرتكبه من جرائم فى حق أنفسنا.. وعليه أهيب بهم الوقوف وقفة رجل واحد حفاظا على حقوقهم.
وبالنسبة للوجود الأمريكى فى العراق والذى أكد الرئيس أوباما أنه وجود اختيارى فقط، قرر الرئيس فتح المدارس العسكرية المتوسطة والعليا فى جميع أفرع دراسات القوات المسلحة المصرية أمام أبنائنا العراقيين.. وكذلك إيفاد مدربين عسكريين مصريين، وخبراء فى إدارة شئون القوات المسلحة والشرطة، وكذلك فرق مكافحة الإرهاب من الشرطة المصرية التى استطاعت باقتدار خلع جذور هذا الجذام الذى يكتوى بناره الآن العالم أجمع.. حتى نصنع نظاما عراقيا مستقلا، يبطل حجج الوجود الأمريكى فى العراق، ويستطيع أن يحمى مقدرات الشعب العراقى من تبعات خلل جسيم فى حالة انسحاب القوات الأمريكية.. وفى النهاية أكد الرئيس السادات أن الرئيس أوباما أوعز للشعوب الإسلامية على قوته بالاعتذار عما سلف، وأكد أن الزعامات القوية هى فقط القادرة على دفع شعوبها للأمام.
الرئيس السادات يقرر إنشاء منطقة إعلامية مفتوحة يلتقى فيها الإعلاميون العرب والأمريكان والإسرائيليون ويتقدم بمبادرة تدعو العرب إلى قبول مبدأ السياحة لإسرائيل مقابل فك المستوطنات
الإعلامى محمد جوهر يسأل: ماذا لو استمع السادات لخطاب أوباما؟
الخميس، 25 يونيو 2009 10:21 م
باراك أوباما
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة