أيمن شوقى يكتب: هوليود وصناعة التاريخ

الخميس، 25 يونيو 2009 09:53 ص
أيمن شوقى يكتب: هوليود وصناعة التاريخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مضت 6 أعوام كاملة على تلك الليلة التى أصابنى فيها الضجر وأخذ مبلغه، وكأى مواطن مصرى حاولت مع يقينى التام بعدم جدوى المحاولة، البحث فى القنوات الفضائية التى كانت محدودة إلى حد كبير فى ذلك الحين، وتوقفت أمام إحدى القنوات المخصصة لعرض الأفلام والمسلسلات الأجنبية، وتحديدا أمام شاشة تقسمت إلى عدة أجزاء لمتابعة أكثر من موقف فى لحظة بعينها ويتوسط المشهد ساعة رقمية تدق بأسلوب عجيب، يشعرك بأن هناك حدثا جلل، وبالفعل فى أقل من دقائق أصبحت مندمجا بالكامل فى قضية البطل وهو يحارب فى أكثر من جبهة لإنقاذ زوجته وابنته من اختطافهما وفى نفس الوقت فهو من أحد أبرع ضباط وحدة مكافحة الإرهاب، ولكن المختطفين يجبرونه على إتمام مهمة خاصة ليستعيد عائلته مرة أخرى.

كانت مهمته هى اغتيال الرئيس القادم والمرشح لرئاسة الولايات المتحدة وهو أول رئيس (أسود اللون)، وصدمت بالقصة وانتهت الحلقة لتعترينى الدهشة لأكتشف أنها مجرد حلقة من مسلسل ضخم، وتوالت الحلقات وأصبحت أتابعها كالمحموم حتى انتهى المسلسل بمقتل زوجته بعد إنقاذ الرئيس فى شكل لا يقال عنه إنه أكثر من رائع، وتأتى الروعة من محاكاة الواقع وتوالى الأحداث بعيدا عن أى شكل درامى فى الأعمال المعهودة من هوليود، وبالعام التالى صعقتنى المفاجأة أن هناك جزءا ثانيا للمسلسل.

فلم أكن أعهد عملا بهذه القوة أن يستمر ويصبح المشهد الجديد بعد تولى (بولمر) رئاسة الولايات المتحدة بغض النظر عن اقتراب الاسم بعض الشىء من الرئيس الحالى، لتبدأ معها أحداث سياسية داخل المكتب البيضاوى ويصبح العرب عنصرا فى المسلسل بشكل مخيف والعجيب أنهم لم يخرجوا الشكل العربى كالمعتاد فى زيهم الغبى ومعتقداتهم الإسلامية البدائية، بل كانوا يخططون ويرسمون ويحملون قضية تحولت إلى شكل جنونى مع قائدهم ويستطيع فى النهاية أن ينزع فتيل قنبلة نووية، ليتم تفجيرها ضمن أحداث المسلسل بالفعل بعد محاولة مستميتة أن يتم تفجيرها فى منطقة غير مأهولة بالسكان، والوضع الحقيقى داخل أروقة البيت الأبيض، والمؤامرات والمكائد والفساد السياسى الحقيقى الذى يعلب دوره الحقيقى بالإدارة الأمريكية وأوراق الضغط لأهداف أخرى لا تتبع للدولة أو للنظام، بل تتجه لعاملين لا يستطيع شخص المساس بهم، ولكن بشكل خفى.

إظهار الأسماء اليهودية فى بعض الحلقات وربطها بالإدارة السياسية، أو أسباب مالية محضة تتبع للإدارات المحلية أو المساعدين للوزارة داخل البيت الأبيض، ويصبح البطل حالة مجسدة خاصة يعطى للوطن، دون لقاء ويتحول الموقف إلى الواقعية لوضعه تحت ضغوط لا يقدرها أحد حتى الوطن بنفسه، ولا يقدره بل وينعكس فى الأحداث إلى وضع البطل تحت المحاكمة جراء ما ارتكبه البطل من أساليب للتعذيب وغيرها لإنقاذ الأرواح، ويصبح مسائلا عن وحشيته وطريقته التى سلكها، وتتركه ابنته بعد أن تحاول التقارب منه، وموت أصدقائه أثناء العملية، وينتهى الأمر بعزل الرئيس من الرئاسة ودخول شخصية أخرى لتربح المعركة السياسية، تزامنا مع ترشيح الرئيس أوباما للرئاسة.

والمثير فى الأمر، للبرهة الأولى فقد كان المسلسل يعرض بشكل دورى فى منتصف يناير من كل عام، وفى عام الترشيح تحديدا توقف المسلسل ولم يعرض نهائيا وتأجل لفترة عام كامل ليبدأ عرضه بعد انتهاء المعركة الانتخابية، ونعتقد جميعا أن الحياة ستتوقف لبرهة بعد أن خرج البطل بأعجوبة من كل تلك المكائد بحادثة تؤكد موته أمام عيون زعمائه بشكل محبك بحق، ويتم تهريبه إلى خارج البلاد ليعيش مطاردا فى بلاده التى خدمها بكل قطرة دم من عائلته وأصدقائه، ثم يعود من جديد بكل قوة فى موسم جديد، بعد عملية اغتيال للزعيم الأسبق بعد إذاعة خبر كتابة مذاكرته، وبدء التصفية الحقيقية لذلك القطاع الذى كان يعمل فيه البطل، ومن هنا فقط جاءت شرارة هذا المقال بعد أن رأيت الموسم الأخير يضع امرأة على عرش الرئاسة الأمريكية، وربطت الأحداث بشكل عجيب.

فقد كانت هلارى كلينتون هى المرشحة بالفعل أمام أوباما.. هل معنى هذا أن هناك رؤية مستقبلية حقيقية للأحداث تتم إلقاؤها داخل أحداث هذا المسلسل الذى استمر بنجاح حققه على مدار 8 سنوات، أم أن هناك يدا خفية بالفعل لا تستطيع الصحافة والحرية والديمقراطية التى نسمع عنها الكثير وتهشم منها الكثير بعد الغزوات التى شنتها الإدارة الأمريكية على الشرق الأوسط، والذى بدوره وضح جليا فى أحداث عديدة.

وأصبحت مندهشا، هل بالفعل هناك وقف وحدود أمريكية، ويد باطشة لا يقدر عليها أحد حتى تصل بشكل عاجر لتظهر فى شكل درامى متلاحق الأحداث بشكل يضع أمام المشاهد الأمريكى قبل أى مشاهد.

مجريات الأمور والأحداث الجارية حاليا والتوقعات المستقبلية، فلا يمكن أن تكون المصادفة مستمرة لمدة تقارب على قرن من الزمان وبهذا الشكل المفجع، وخصيصا بعد خبرة طويلة فى رؤية الحياة والأحداث وأنا أشارف على الوقوف على خط العقد الثالث من العمر، وعدم اعترافى بالعبارة الشهيرة الدارجة فى مجتمعنا الشرقى (الصدفة) فلا يمكن أن نكون أمام حالة فريدة فقط من عمل خاص يعرض على الشاشات الصغيرة، بل هى رؤية ثاقبة، تخرج لنا على السطح ما يجرى فى المطبخ الأمريكى العالمى، ويضع خيوط متناسقة للسياسية العالمية وتوقعات دائما ما تصيب، وتصيب العالم فى مقتل وبمنتهى الدقة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة