محمد حمدى

نهاية هشام بك!

الأربعاء، 24 يونيو 2009 01:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يسبق لى لقاء رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى سوى مرة واحدة قبل عامين وفى برنامج تليفزيونى، وحينما حضر إلى الاستوديو قبل التسجيل كان الجميع يتحدث معه باحترام شديد ويحرصون على مناداته بهشام بك، ولما لا فهو من أشهر رجال الأعمال وعضو بمجلس الشورى، والمهم أنه يمتلك شركات عقارات ومقاولات حجم أعمالها بالمليارات، لذلك لم تكن لغة خطاب الناس معه غريبة، خاصة وأن بعض الحضور طلبوا توظيف أقارب لهم فى شركاته، وهو ما يعنى وظيفة محترمة وبراتب خيالى.

لم يكن الرجل يتحدث كثيرا، وتبدو حركاته وكلماته محسوبة، يرتدى بذلة يتعدى سعرها عدة آلاف من الدولارات وساعة ذهبية مميزة، ولا يكف هاتفه المحمول عن الرنين، وتشعر من نظراته وطريقة تعامله مع الآخرين أنه من طينة مختلفة عنهم، أو هكذا كان يسوق نفسه، أو يعتقد.

استرجعت هذا المشهد وتخيلت هشام مصطفى وهو فى السجن وحيدا، يقضى أسوأ ساعاته وهو ينتظر الذهاب إلى المحكمة لسماع الحكم بإعدامه بتهمة التحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، بعد وصول رد المفتى الذى يصدق على أحكام الإعدام وهو غالبا لا يلغيها.

فى حياة هشام طلعت مصطفى دراما معقدة تتكرر كثيرا فى الحياة المصرية، بنفس النهاية فى معظم الأحيان، تبدأ بشخص بسيط ينتمى إلى أسرة بسيطة، يتقرب من مسئول محلى، وعن طريقه يصنع المليون الأول، ثم تتوالد الأموال بشكل مثير، يحميها باقتراب من عالم السياسة، وعندها يتحول رجل الأعمال السياسى إلى شخصية أسطورية، وتتعدد علاقاته النسائية خاصة مع المطربات والممثلات.

حتى سنوات قليلة خلت كان طلعت مصطفى الأب مقاول بسيط رحل إلى الإسكندرية قادما من المنوفية، وخلال سنوات معدودة حصل على عقود مقاولات من محافظة الإسكندرية، ثم تولى إنشاء معظم قرى الساحل الشمالى، ثم فاز بعضوية مجلس الشعب، لكن النقلة الكبرى من المليون إلى المليار جاءت على يد الابن هشام الذى زاد اقترابه من الحزب الحاكم والسلطة وتمتع هو وشقيقه طارق بالحصانة البرلمانية بمجلسى الشعب والشورى. مشكلة هشام طلعت مصطفى وغيره أن الثروة والنفوذ، يعميان الأبصار ويمنحان صاحبها قوة وأهمية، تجعله يتصور أنه أصبح فوق القانون، ويستطيع بفلوسه وسلطته فعل أى شئ حتى ولو كان التحريض على القتل، ناهيك عن المغامرات العاطفية التى شاهدنا الكثير منها على اسطوانات مدمجة لعدد من رجال الأعمال.

وحين أشاهد هشام طلعت مصطفى وهو يجلس داخل القفص فى قاعة المحكمة مطأطأ الرأس، وأسترجع شريط الذكريات وأقارن بين الوجاهة الاجتماعية التى كانت تحيطه، والغرور والتعالى الذى كان يتعامل به وهو فى قمة السلطة والثروة لا أشعر بأية شماتة، ولا يجب، وإنما أنظر إلى الحياة التى تصر على تعليمنا الكثير من الدروس المهمة لمن يريد أن يتعلم..
فبعض رجال الأعمال يتصورون أنهم بأموالهم التى لا يعرفون عددها قادرين على فعل أى شئ.. وكل شئ، وينسون دفع الثمن، قد تدفع ثمن ما تقترفه يداك فى الحياة الدنيا، أو قد يتأجل هذا الثمن إلى الحياة الآخرة.. لكن لا شئ يضيع أبدا .. الحسن والسيئ على السواء.. ولعلنا نعتبر من الصعود والانهيار الدرامى لهشام طلعت مصطفى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة