تتسابق وسائل الإعلام العربية وكذلك الأجنبية على محاولة كشف ما يحدث فى الشارع الإيرانى من مظاهر احتجاج أو رد الفعل الحكومى لقمع هذه المظاهرات والاحتجاجات التى أعقبت فوز المرشح المحافظ محمود أحمدى نجاد.
ليس غريبا ما يحدث فى الشارع الإيرانى من احتجاجات أو مظاهرات أو حتى قمعها، لكن الغريب هو تكالب العالم ووسائل إعلامه الموجه على محاولة إظهار النظام الإيرانى الديمقراطى رغم تشدده الإسلامى كما يدعون فهذا جزء من النظام؛ ومحاولة إظهاره على أنه نظام ديكتاتورى لأنه نظام قائم على أساس دينى تماما كما تقوم دولة إسرائيل المزعومة على نفس الأساس.
وتناست هذه الفئة الإعلامية الموجهة ما يحدث أو ما هو حاصل بالفعل فى جميع الدول العربية بدون استثناء حيث لايختار الشعب قيادته ولا يستطيع أن يعبر عن رأيه فى أحداث مثل أحداث غزه، ولم يلتفت الإعلام سواء العربى أو الغربى لما حدث من قمع فى الدول العربية جراء الاحتجاجات على ظلم شعب أعزل محاصر منذ سنوات لأنه اختار الديمقراطية بانتخابه أغلبية من حماس فى انتخابات شرعية تحت مراقبة دولية اعترف بها العالم كله ولم يعترف بها أعداؤه من الأنظمة المستبدة عالميا كنظام بوش وجنرالات الدولة اليهودية المزعومة ذات النمو الطبيعى كما يقول نتانياهو فى خطابه المؤلم للشعوب العربية.
حتى أن الإعلام العربى لم يتوان حتى هذه اللحظة على لوم الفلسطينيين على خلافاتهم الداخلية وانقسامهم- وتناسوا أن هناك أنظمة عربية أيضا لم تعترف بالديمقراطية وخيار الشعب الفلسطينى.
لا يمكن اللوم على أحمدى نجاد وأنصاره كذلك لا يمكن اللوم على الإصلاحيين لأنهم خدعوا وضللوا من وسائل الإعلام الغربية بأن خسارة نجاد فى الانتخابات الإيرانية فرصة للتغيير وتحويل إيران إلى دولة صديقة من خلال تغيير سياساتها إزاء الغرب والملف النووى حتى لا يكون هناك دولة فى الشرق الأوسط الممزق غير قوة واحدة قادرة على الردع وهى الدولة اليهودية. بل وتناسوا أن العراق الجريح تم تدميره لإشارات أنه يمتلك أسلحة دمار شامل وأسلحة كيماوية وبيولوجية، واعتقد أن صدام حسين لو كان أشار إلى إمكانية إنتاج قنبلة نووية لكان التعامل مع العراق مختلفاً، لاسيما أن كوريا الشمالية ورغم سياستها المتشددة حول الملف النووى والإعلان صراحة بل وتجارب صاروخية استفزازية رغم ذلك تمت دعوتها للحوار عدة مرات.
كذلك أوباما الذى لم يغير سياسات الولايات المتحدة الأمريكية سوى تجميلها بلسان معسول هللت له الدول العربية ووسائلها المختلفة رغم تأكيده على العلاقات الخاصة مع دولة إسرائيل والكيان الصهيونى، إلا أنه يدعو للحوار مع إيران ومع أحمدى نجاد الذى برع فى توجيه الخطابات الحادة اللهجة للدول الغربية. على وسائل الإعلام العربية طرح إيجابيات هذه الدولة الإسلامية الديمقراطية التى على الاقل يتغير رئيسها كل أربع سنوات باختيار شعبى حاشد ديمقراطى، حتى وإن لم تتغير السياسات لكن شعور المواطن باختيار قائده يجعله قادر على العمل من أجل بلاده بثقة أن هذه بلاده وليست مملوكة لنخبة تتحكم فى مصيره.
على الدول العربية التعلم من إيجابيات النظام الإيرانى فى تفعيل دور الشعوب فى الحراك السياسى الذى أصبح خاملا فى الدول العربية على مستوى الشعوب وكذلك على مستوى القيادات التى تترنح مع تيار السياسة الدولية الحاكمة على مستوى العالم. على وسائل الإعلام العربية نقد ذاتها أولا بدلا من محاولة إيجاد مادة إعلامية خصبة فى أرض الجمهورية الإيرانية الإسلامية تثير شهوة الصحافة والإعلام العربى على النشر ولا تخدم سوى قوى ترغب فى تقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات وليس دول. فهل أصبحنا كعرب أداة فى يد القوى العظمى فى العالم ومعاداة كل ماهو ضد المشروع الصهيونى الكبير.
هل أصبحنا نلوم المقاومة العربية بكل أشكالها من أجل أن نكسب رضا أولاد العم سام.
هل أصبحنا نقاوم كل ما هو مقاوم لأعدائنا كأيران أو حزب الله أو حماس حتى نصبح فى مصاف المجتمع الدولى الذى أصبح هو الشرعية الدولية وأصبح هو الحاكم والجلاد.
اعتقد أن خطاب أوباما وما تبعه من رد من خلال خطاب نتانياهو رسم سياسات النخبة الحاكمة فى العالم من كذب وافتراءات، فأحدهم يتحدث بالقرآن ليعلمنا ديننا ماذا يقول، والآخر بكلمة يلغى حقوق شعب عانى أكثر من ستين عاما فاقت فيها معاناه الهولوكوست المحرقة التى يتم استغلالها حتى الآن والتى هى من صنع الغرب أنفسهم.
فكان علينا نحن كعرب وكفلسطينيين دفع فاتورة لا ناقة لنا فيها ولا جمل!!.
أصبح علينا أن نعوض اليهود - الدولة الوحيدة فى العالم القائمة على أساس دينى عنصرى - بحقوق ودماء أطفال ونساء وشيوخ ورجال العرب. على الإعلام العربى أن يكون منصفا أكثر من ذلك فلندع لوم الفلسطينيين ولنرى كيف يمكن الذهاب بهم لبر الأمان. إسرائيل هى الشوكة فى ظهر الأمة العربية وليست إيران وتذكروا "أن حكاية الثور الأبيض مازالت مستمرة".
محمد عبد الرحمن يكتب: نظرة موضوعية يا إعلامنا العربى
الأربعاء، 24 يونيو 2009 11:06 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة