اعتبر الكاتب البريطانى روبرت فيسك أن ما تشهده إيران حالياً هو انتفاضة حقيقية، رغم أن أهدافها بلا أمل. ويقول فيسك فى مقاله بصحيفة الإندبندنت، إنه لا يمكن الانقلاب على الثورات الإسلامية بالمصابيح الأمامية، وبالتأكيد لا يمكن الانقلاب عليها بالشموع. فربما تكون الاحتجاجات السلمية قد ساعدت غاندى جيداً، لكن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية لن يقلق من عدة آلاف من المتظاهرين فى الشوارع، حتى إذا كانوا يصرخون "الله أكبر" فوق أسطح المنازل كل ليلة.
ويضيف فيسك: كان هذا النداء ينطلق من أسطح المنازل فى قندهار كل ليلة بعد الغزو السوفيتى لأفغانستان فى عام 1979، إلا أنه لم يوقف الروس، كما أنه لن يوقف قوات الباسيج أو الحرس الثورى. فالرموز ليست كافية. بالأمس هدد الحرس الثورى الإيرانى غير المنتخب وغير الممثل من قبل الشباب الإيرانى المحتشد اليوم، بالتعامل مع مثيرى الشغب بطريقة ثورية.
كل شخص فى إيران حتى هؤلاء الصغار الذين لا يتذكرون مذبحة معارضى النظام عندما تم إعدام عشرات الآلاف مثل الطيور فى مشنقة كبيرة، يعرفون ماذا يعنى هذا. فإطلاق العنان لمجموعة من الرعاع من القوات الحكومية المسلحة فى الشوارع والادعاء بأن كل الذين يصرخون إرهابيين هو نسخة طبق الأصل من رد الفعل الذى أبداه الجيش الإسرائيلى على الانتفاضة الفلسطينية. فإذا تم إطلاق النار على المتظاهرين الذين يقومون بقذف الحجارة، فإن هذا خطؤهم فهم يخالفون القانون ويعملون لصالح القوى الأجنبية.
ويقارن فيسك بين انتفاضة إيران وانتفاضة فلسطين بالقول: عندما حدث هذا فى الأراضى التى تحتلها إسرائيل، ادعى الإسرائيليون أن القوى الخارجية مثل إيران وسوريا تقف وراء هذا العنف. وعندما حدث هذا فى المدن الإيرانية، فإن النظام الإيرانى يدعى بأن القوى الأجنبية التى تتمثل فى الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا تقف وراء العنف.
وما يحدث فى إيران هو انتفاضة حقيقية على الرغم من اليأس الذى يكسو أهدافها. فلم يعد ملايين الإيرانيون يقبلون ببساطة حكم القانون، لأنهم يعتقدون أن القانون تم إفساده بالانتخابات المزورة. والقرار الخطير من جانب خامنئى بإلقاء كل مكانته خلف محمود أحمدى نجاد ألغى أى فرصة لكى يبدو فيها محايداً.
وكان بعض أقارب على أكبر رافسجانى الحليف القوى لمير حسين موسوى قد تم القبض عليهم ثم أطلق سراحهم فيما بعد. كما أن موسوى مهدد بالاعتقال من قبل رئيس البرلمان. محمد خاتمى وهو حليف موسوى أيضا وواحد من أكثر رجال الدين شعبية فى إيران لم يمس بعد. ربما كان موسوى رئيساً للوزراء فيما مضى، لكن خاتمى كان رئيساً. والمساس بخاتمى قد يؤثر على مستقبل حماية أحمدى نجاد. والصديق السياسى القوى لأحمدى نجاد، آية الله زيدى الذى قد يكون المرشد الأعلى القادم يمثل تهديداً لخامنئى.
وفى حين سيعد كل جسد غارق فى الدماء فى شوارع طهران إرهابياً من جانب أصدقاء أحمدى نجاد، وإنه سيتم تكريمه من جانب أعدائه كشهيد. ويختتم فيسك مقاله قائلاً: لكى يفوز موسوى، فإنه سيكون فى حاجة إلى تنظيم احتجاجه بطريقة أكثر تناسقاً. لكن هل يمتلك خامنئى خطة طويلة المدى أكثر من مجرد البقاء؟
إيران تشهد انتفاضة رغم اليأس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة