على بريشة

الأنفلونزا الإيرانية..والصحافة المصرية

الأربعاء، 24 يونيو 2009 08:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بكثير من الدهشة أتابع الصحافة المصرية بكافة تياراتها وهى تتعامل مع تداعيات الانتخابات الإيرانية..وسر الدهشة ليس فقط طريقة التعاطى "المائعة" مع الأزمة الناشبة فى إيران، ولكن عدم وجود موقف واضح صريح من هذه الأزمة مبنى على "المبادئ" بمعناها المطلق، وليس "المصالح" بمعناها الضيق.

فالصحافة الحكومية وكتاب الحكومة "الملاكى" يبدون وللمرة الأولى منذ وقت طويل متهيبين من الخوض فى الهجوم على النظام الإيرانى، وهو أمر غريب..فإيران منذ سنوات وسنوات دمها مباح فى الصحافة الحكومية والهجوم عليها أمر وارد وشائع فى مقالات الرأى الحكومية، وما أسهل أن ينهش هؤلاء الكتاب "الملاكى" إيران ويلعنون نظام الملالى وينددون - بأفظع الألفاظ - بالسياسات الإيرانية ويعزفون النغمات النشاز عن الملف النووى الإيرانى والذئب الفارسى الذى يسعى لالتهام الحملان العربية، والفتنة المذهبية الشيعية التى تسعى لتدمير الإسلام.. لا يوفر هؤلاء الكتاب فرصة أو نصف فرصة للهجوم على إيران، فمالهم يلتزمون الصمت أمام المذابح التى تجرى حاليا فى شوارع طهران من الحكومة الإيرانية ضد المتظاهرين العزل.

أغلب الظن أن الصحافة الحكومية تخشى الخوض فى المسألة الإيرانية لسببين: السبب الأول أن تزوير الانتخابات ليس أمرا يستحق التوقف عنده فى وجهة نظرها، لأنه واقع يومى نعيشه فى مصر وفى كثير من بلداننا العربية ذات الصيغة الجمهورية (الاسمية) التى ابتدعت إلى الوجود استفتاءات الـ99.9% ومشتقاتها.. والسبب الثانى أن الصحافة الحكومية تخشى امتداد عدوى الأنفلونزا الإيرانية إلى المنطقة العربية والشارع المصرى فى مراحل تالية ..
فإذا كان الشعب الإيرانى انتفض فى مواجهة تزوير الانتخابات فما الذى يضمن ألا يقوم الشعب المصرى بذلك فى وقت لاحق، خاصة أن هذه الأفكار الخطرة تنتقل أسرع من فيروس أنفلونزا الخنازير، فهى لا تحتاج للاتصال المباشر أو التعرض للعطس والسعال وإنما تنتقل عبر الأثير كما تنتقل الأفكار والمبادئ.

ولكن إذا كانت عدوى الأنفلونزا الإيرانية هى ما يخيف الصحافة الحكومية، فما الذى جعل التيارات الأخرى التى نعتبرها معارضة تتهاون فى رصد ما يحدث فى إيران والوقوف بشكل واضح وصريح ومعلن ضد التزوير بكل أشكاله ومع حق الشعوب فى التظاهر السلمى للوصول إلى حقوقها والتصدى لهراوات "الأمن المركزى" الإيرانى ورصاصاته وقنابله المسيلة للدموع وبلطجيته، إلى آخر القاموس المستخدم فى مفردات كل أشكال "الأمن المركزى" فى الدول القمعية..

ما الذى جعل تيارات المعارضة المصرية الليبرالية والناصرية واليمينية واليسارية والحنجورية والإخوانجية تقف مواقف مخزية أمام ما يحدث فى إيران، فيعلن بعضها مناصرة (مزورى الانتخابات) والتنديد (بالرافضين للتزوير) .. ما الذى جعل هذه التيارات المعارضة التى تتشدق بالحديث عن الحريات تقف مواقف سلبية متباينة أمام المذابح التى تحدث فى الشارع الإيرانى..

ربما تشعرها هذه المذابح بضآلة تأثيرها فى الشارع المصرى، وبأنها وهى تتحدث بشكل يومى عن تزوير الانتخابات فى مصر تشعر فى قرارة نفسها أن هذه التزوير لا يهم أحدا غير الباحثين عن حصانة مجلس الشعب، ولكنه لا يهم الأغلبية الصامتة التى تقف نفس الموقف السلبى من تيارات المعارضة ومن الحكومة فى نفس الوقت، وبالتالى فحتى لو تيقن كل مواطن مصرى أن الانتخابات فى بلاده مزورة فلن يتحرك أحد ليرفض ذلك التزوير لأنه ببساطة لا يجد البديل المحترم القوى المؤثر الذى يستحق أن يقاتل من أجله وأن يرفض التزوير من أجله.

أجمل ما فى الانتخابات الإيرانية أنها أسقطت ورقة التوت التى كانت تستر عورة المتشدقين بالحريات فى مصر.. أما الكتاب الحكومييو فأقول لهم: لا تخشوا شيئا من الهجوم على النظام الإيرانى المزور لإرادة الشعب..فالأنفلونزا الإيرانية غير قابلة للانتقال عندنا لأن أبسط حقائق العلم تقول إن العدوى لا تنتقل أبدا إلى الموتى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة