سيدتي.. من جناح الود أنسجى خيط محبتنا، وأدخلينى فى دائرة عشق الأولين. أنا من أنا؟ ما تلك اللحظة التى جاءت فيها النطفة ليعلن العالم عن خلق وريد جديد؟ يصب دما ساخنا فى نهر الحياة الكبير.. تلك اللحظة التى احتفل فيها العالم، حيث أحيط المكان بعرس يهيج وليال تغنى فيها الشجر، وطرب الماء والصخر.. شعرت فى تلك اللحظة، أن أرواحا أخرى تتناسخ، وتحل إحداها مكان الآخر، لك وحدك، تقفين شامخة فى وجه الجبروت البشرى، وتلمين شتات بعضى فى كلك، وتجمعين ما تناثر من وجد لتكونى أنت الوجد كله..
فأنا يا سيدتى لست شبقا، ولكننى لست من الأحجار، ألا تلك الكريمة التى لا تستريح إلا إذا ما صبت رضابا فى ساعة توهج.. فمن أنا سيدتى، من أولئك لا يعشقون؟ والذين لا يحتفلون بميلاد امرأة تطل من نافذة الوجد، وتطلق قيد العزلة بأنامل من فرح.. أعرف أن للشعوذة فى بعض الرئوس، مخالب أشد فتكا من الموت، وأنك تتسربلين بصواعق من خوف، ولكن لعيون الماء فورتها العارمة ولضجيج الوقت نقطة تبشر بانهمار المطر.. وهذه القوارب السويسية تفرش أشرعتها فى انتظار موعد جديد، وسفر جديد.. وبحرنا الأغر يوشك على إعلان ساعة دخولنا المرحلة..
أحب أن أطلعك، أننى عشقت حبات الرمل حبة الحبة، ونثرت وجدى على كل صخرة من جبالنا الواعدة، وطوقت ذراعى، حول جذوع النخل، وسامرت البحر، فحكى لى قصصا طريفة كان آخرها أنه باشر مشروع حبه مع تلك الأقدام الحافية فلقمها جروحا وملحا، وأبدى انحساره وجفونه، عندما هاجرت النوارس متخذة مشروع استرخائها كآخر لحظة وداع مولية الأدبار، لتطلق العنان للأشباه والأنصاف
.. كان البحر فى تلك اللحظات، يلفظ أنفاسنا الأخيرة، ويبتلع رجولتنا، وعنفوان رغبتنا، وصلابة سواعدنا.. وكنت فى اللحظة ذاتها، أشرب من نخب الذين تقاعدوا وأرسوا المراكب خلف المناكب واستبدوا حيث تلاشى صوت النهام، وزجر صاحب المال فيا ليتك، يا ليتنا، نعشق، ونخضب عشقنا بماء بحرنا القلق، ونعشق الأرق، فبحرنا نفق لو صب فيه هذا الزمان لابتلعه.. وعمرنا تاريخ أحرقته مفعولية عشقنا الضحل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة