عندما تتولد لدى الأحزاب ثقافة التسول – نستطيع أن نقول على الديقراطية السلام! عندما تنتظر الأحزاب بما قد يلقى إليها من فتات الموائد الانتخابية فهو عار يلحق بنا كمواطنين نبحث عن الحق والعدل والحرية, عندما تتملق الأحزاب الحزب الحاكم وتبحث فى دهاليزه عن كوته لأعضائها فى المجالس البرلمانية شأنها فى ذلك شأن النساء – يكون أشرف لهم وأنبل وأطهر الترفع عن ذلك – وليتركوا للحزب الحاكم الانفراد بالسلطة, وليس عليهم إضفاء الشرعية على نظام فاسد مستبد, أشرف لهم كحملة رسالة لأجيال قادمة من غلق مقارهم الحزبية إن لم يكن لديهم ثقافة الكفاح والجهاد والتواجد بين المواطنين, والترفع عن الصغائر والخلافات – طالما حملوا بإرادتهم الكاملة أهدافا وبرامج حزبية تعمل على التغيير والإصلاح.
صعب جدا أن تجد من أعضاء حزبك من يريد أن يرشح نفسه فى الانتخاباث ثم يبادر بالاستفسار أى الدوائر الانتخابية اتفقتم عليها مع الحزب الوطنى سوف يتم إنجاح مرشحكم فيها. وللأسف الشديد ليس هذا السؤال من جانب المرأة، بل من جانب الرجل أيضا. يريدون خوض الانتخابات بشروط الحزب الوطنى وليس نابعا من اهتمامهم القومى والوطنى وأنها رسالة يجب عليهم أن يتحملوا تبعاتها طالما لديهم رغبة فى العمل التطوعى.
نعم، لقد نجح الحزب الوطنى بنسبة مائة فى المائة فى خطته وفى حربه النفسية ضد الأحزاب الأخرى وضد المواطنين. وكانت البداية بالتعديلات الدستورية وبإلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات - ثم جاءت الانتخابات المحلية لترسخ فكرة الحرب الدعائية وما استخدم فيها من أعمال بلطجة مارسها الحزب. على المرشحين من الأحزاب الأخرى. واستسلم الجميع ورفع الراية البيضاء, ولا نعترف رفعهم لها أهو من منطلق الاعتراف بضعفهم, أم لقوة الحزب الوطنى. والجميع يعلم بأنه أضعف مما يتصور الإنسان – وليس له أية شعبية – ونعطية أكبر من حجمه فى الشارع المصرى.
إن ما قام به الحزب الوطنى خلال السنوات الماضية وعقب انتهاء الانتخابات الرئاسية من خطوات تتماثل مع ما قام به وزير الدعاية الألمانى جوبلز فى حربه الدعائية والتى قسمها إلى عدة محاور مستخدما كل أدواته الدعائية. بنفس الوسيلة انتهج الحزب الوطنى بمصر – سياسته فى الترويج لفكرة تزوير الانتخابات, وفرض الأمر الواقع – فعافت نفس المواطن المصرى على المشاركة, وترسخ لديه فكرة عدم الذهاب إلى مقار الاقتراح – وأمن بذلك رجال الأحزاب , نعترف لهم بذكائهم لكن علينا أن نعترف أيضا بغباء الآخرين. لأنهم انساقوا وراء تلك الفكرة. وهى تزوير الانتخابات.
نحن أمام منعطف تاريخى سوف يتحكم فى مصير الأجيال القادمة لسنوات طويلة – وبأيدينا نكتب شهادة ميلاد جديدة, وأيضا بأيدينا نكتب شهادة وفاة للملايين من الأجيال القادمة. التى سوف تلعننا نحن قبل النظام, تلعن فينا الاستسلام , تلعن فينا الخضوع, تلعن فينا السلبية وعدم الجهاد بما آمنا به وبما تستحقه مصر وبما هم يستحقون.. تاريخ سوف تكون صفحاته كلها سوداء لأننا من نسجنا حروفه وسطرنا صفحاته بأيدينا وليس بيد الآخرين.
سامى عبد الجيد أحمد يكتب: الأحزاب المصرية بين التوسل والتسول
الأحد، 21 يونيو 2009 02:58 م