سابقة هى الأولى من نوعها فى مصر التى عانت سنوات منذ بدء العمل بآليات السوق الحرة من الممارسات الاحتكارية، حيث قضت محكمة جنح النقض برفض الطعون المقدمة من 18 متهماً من محتكرى الأسمنت، مع تأييد الأحكام الصادرة ضدهم عن محكمة أول درجة بتغريم كل واحد 10 ملايين جنيه لمخالفتهم قانون حماية المستهلك ومنع الممارسات الاحتكارية، واتفاقهم فيما بينهم على زيادة أسعار الأسمنت بصورة مبالغ فيها.
هذه الممارسات ظهرت واضحة عندما ارتبطت بسلع رئيسية وضرورية، خصوصا الحديد والأسمنت وهما السلعتان اللتان يعتمد عليهما قطاع هو من أنشط القطاعات فى السوق المصرية وهو قطاع العقارات، الذى يضم عدة ملايين من العاملين، أغلبهم من العمال والنجارين وعمال المحارة، بالإضافة إلى المهندسين والمقاولين وغيرهم.
استمرار فتح السوق
خالد البورينى، أحد مستوردى الأسمنت قال، إن السوق فى الوضع الحالى خصوصا مع حالة الإضراب ومحاولات الشركات المنتجة إيقاف أو تحجيم الاستيراد، تحتاج إلى استمرار فتح السوق والاستيراد بصورة تضمن استقرار السوق وعدم سيطرة الشركات المنتجة وفرض أسعار معينة، أما عن تأييد محكمة النقض للحكم السابق بالغرامة على الشركات المتهمة بممارسات احتكارية فهو شأن القضاء، إلا أنه أكد أن ذلك دليل على صدق توجه الدولة لحماية السوق وحرص وزارة التجارة على إرساء قواعد المنافسة السليمة فى السوق، ودليل على صحة الاتجاه لاستيراد لضمان زيادة المعروض دائما لاستيعاب الطلب المتزايد على الأسمنت، خصوصا فى مثل هذه الأوقات من العام.
"يحيا العدل" بهذه الكلمة صاح سعيد إبراهيم أحد تجار التجزئة للأسمنت، مشيرا إلى أن القرار جاء ليؤكد قيام هذه الشركات بممارسات ضارة بالسوق جعلت الأسعار تصل إلى أكثر من 700 جنيه فى بعض المحافظات منذ 3 شهور قبل السماح باستيراد الأسمنت، وقال إنه رغم أن الغرامة بسيطة جدا بالمقارنة بحجم المكاسب التى تحققها شركات الأسمنت إلا أنها سيكون لها عامل ردع كبير خلال الفترة المقبلة، خصوصا وأننا سمعنا أن هناك اتجاها لزيادة حجم الغرامة بعد ذلك.
أما إبراهيم يسرى – تاجر- فأعلن تخوفه من إقدام الشركات على زيادة الأسعار فى الفترة المقبلة لتحميل هذه الغرامة على المستهلكين، مشيرا إلى أن الشىء الوحيد الذى يمكن أن يخفف من هذا التوجه إذا حدث بالفعل هو قرارات المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بإلزام الشركات بكتابة الأسعار على الشكائر.
المستهلك هو الضحية
محكمة جنح النقض قالت فى حيثيات حكمها، إن قضية شركات الأسمنت هى أول قضية يطبق عليها القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ولن تكون أبداً الأخيرة ما لم يفصل المشرع أن العقوبة المالية فقط ليست رادعة للمحتكرين، وأنه إذا ظل الوضع هكذا ستتم المفاضلة ما بين الغرامة المالية، وبين ما يحققه المخالف من كسب، ويكون المستهلك هو الضحية، لذا يجب تشديد الجرم ورفعه إلى مصلحة الجنايات لكى تكون العقوبة المقيدة للحرية أكثر ردعاً وإصلاحاً.
هذه الحيثيات تؤكد أن سوق الأسمنت مقبل على مواجهة حتمية بين الشركات من جهة والمستهلكين والمستوردين من جهة أخرى فهل يردع هذا الحكم الشركات التى تحاول استغلال زيادة الطلب على الأسمنت ؟ أم يبقى المستهلكون ضحية لحالة الترقب التى تعم السوق الآن لما سينتج عن هذا الحكم لدى الشركات؟ وهل يكون هذا الحكم فرصة لدعم المستوردين شعبيا وزيادة الكميات المستوردة؟ كل هذه الأسئلة تجيب عنها الأيام المقبلة.
تأييد الغرامة على شركات الأسمنت.. السوق مقبلة على مواجهة بين الشركات وبين المستهلكين والمستوردين
الأحد، 21 يونيو 2009 01:54 م