رفعت الدولة يدها عن بناء المساكن للشباب وبناء المدارس وبناء المستشفيات، والشىء الوحيد الذى لم ترفع يدها عنه هو رفعها للأسعار!
فعندما تسافر من القاهرة للإسكندرية وتمر بجوار كارفور وترى مبانٍ رائعة التصميم والتشطيب بأشكال هندسية جديدة ومتنوعة خلاف مبانٍ أخرى كثيرة جارٍ إنشاؤها ... ويتساءل الواحد منا ؟؟ ما أجمل هذه المبانى وما أكثرها ....لمن هذه المبانى ..؟؟، تأتى الإجابة ...إنها القرية الذكية التى أنشأها الدكتور نظيف لتدار مصر منها بطريقة حديثة ويتم فيها تطبيق نظام الحكومة الإلكترونية الذكية المصرية..!! تفتخر بهذا التقدم التقنى وتطور البلاد مع أسلوب (الهاى تك)، والذى يجعل من مصر دولة إلكترونية رائدة تدار بالتكنولوجيا، وعليه فالنتائج ستكون مذهلة، وستصبح مصر نمراً اقتصاديا أفريقيا لن يقف أمامه أى نمر آسيوى، خصوصا لو عرفنا أن أصل الأسود أفريقيا!!
وإذا قدر لك السفر أيضا ولكن هذه المرة بالطائرة من مطار برج العرب ودخلت صالة المغادرة وداهمك العطش، ودخلت لدورة المياه لتروى ظمأك فستجد عجيبة من عجائب بلادنا ...ستجد لوحة معلقة مكتوب عليها "المياه غير صالحة للشرب" .... أين ...؟ فى مصر هبة النيل وبلد النيل ... قد يكون مطار برج العرب استثناء، ولكن يتكرر المشهد فى ميناء نويبع ... والطامة الكبرى ..أن أكبر محافظات مصر على الإطلاق وهى محافظة مطروح، والتى تبلغ مساحتها حوالى 166 ألف كيلو متر مربع أى حوالى 22% من إجمالى مساحة مصر ...ليس بها كوب ماء واحد للشرب ... فالكل يبحث عن زجاجة مياه معدنية أو جركن مياه معبأ... بل إن بعض الأهالى صمموا أسطح بيوتهم لتجميع مياه الأمطار وتعبئتها لاستخدامها فى الشرب !!! وكأننا فى القرون الوسطى ولسنا فى القرن الواحد والعشرين ...!! وعندما تذهب للعاصمة وتدخل لمناطق شعبية فقيرة مثل عبود وشبرا المظلات وغيرها، ستجد أن هناك مناطق بدون صرف صحى مثلها كمنطقة العجمى بعاصمة مصر السياحية الإسكندرية ... ويمكن لأى مسافر بالقطار من الإسكندرية للقاهرة أن يشاهد من نافذة القطار وهو يغادر محافظة القليوبية، ويهم بالدخول للقاهرة منظر النساء وهن يصطففن على جوانب إحدى الترع والمصارف يغسلن الأوانى والأوعية ...أين؟ على بعد مئات الأمتار من ميدان التحرير! لن نتحدث عن قرى ونجوع الريف والصعيد، والتى لم تستحى إحدى الصحف القومية بأن تذكر أن سبب تسمم أهالى إحدى القرى استخدام طلمبات حبشية توجد فى منتصف القرية ليأخذ الأهالى منها احتياجاتهم من المياه ... متى يحدث هذا ... فى القرن الواحد والعشرين ...!!
وهل لك أن تصدقوا أن هناك مناطق بمصرنا الحبيبة لم تصل لها الكهرباء حتى الآن وإن وصلت فلعدة ساعات محدودة فى اليوم!
يا سادة .. انتبهوا معى .. نتكلم عن نظام وحكومة إلكترونية دخلنا معها القرن الواحد والعشرين، فإذا بها تهوى بنا للقرن الثانى عشر! يا سادة كل ما نطلبه هو ... كوب ماء نظيف وصالح للشرب... لهذا الشعب المسكين الذى ابتلى بأناس يعشقون السفه والتبذير على الأشياء الغير ضرورية وعلى الفشخرة الكذابة ... فنجد عشرات الملايين يتم صرفها لإقامة متحف رمسيس الثانى فى ميت رهينة، وذلك بعد أن تم نقله من ميدان رمسيس لانزعاج سيادته من الضوضاء فى هذا الميدان الصاخب ... وليس هناك أدنى مشكلة أن يكون هناك شعب بأكمله منزعج من الفقر والبؤس ومن عدم توفير الضروريات له من ماء وكهرباء وصرف صحى ...!!
أيها السادة المسئوليون.. إذا لم يكن فيه تطوير مينائى نويبع والسويس ليكونا لائقين بمصر وشعب مصر ... هل عندنا مائة ميناء سويس ومائه ميناء نويبع ... هل وصلت حالة الخبل والعبط واللامبالاة لأن تذهب لهذين المينائين الحيويين فتجد نفس الدكك الخشبية الصفراء الحقيرة ونفس دورات المياه الغير آدمية التى تركتها من عام هى هى رائحتها التى تحدد مكانها من على بعد عشرات الأمتار ..!!
أعتقد أن كل ما تفعلونه هو تخطيط لزيادة جديدة فى الأسعار بدلاً من التخطيط وحل مشكلة التضخم والعمل على زيادة الإنتاج ..
فها هو المازوت رفعتم أسعاره ..فارتفعت معه أسعار مواد البناء، وبالتالى أسعار الشقق.. وأنتم لا تفكرون ولا تنظرون لملايين الشباب الذين يرغبون فى الزواج ولا أكثر منهم من فتياتنا التى ينهشهم وحش العنوسة بدون رحمة..
يا سادة نريد أفراداً مخلصين يفكرون لمصلحة غالبية هذا الشعب المقهور المطحون ...ويتقون الله فيه .. ولا نريد أبطالاً فى التصريحات الوهمية عن الإنجازات والخطط الخمسية، والتى اتضح فى النهاية أن كلها سراب.. بعد أن انكشف كل شىء واتضح، وأصبحت الحالة تـحت الصفر .. والغريب أن هذه الحكومة التى تدعى أنها ذكية أكيد إن بريداً إلكترونياً أو رسالة sms أو صورة mms وصلت إليها.. تحكى له عن حالتنا ... يا سادة أحلام المصريين بسيطة ...
بيت وزوجة .. لقمة عيش .. شربة ماء .. هل هذا صعب عليكِ يا مصر؟؟
وأخيرا يا حكومة ذكية قوى .. ابحثى عن الضرورات الماء والكهرباء والصحة والتعليم، وكفاكم اجتماعات وتصريحات ...
