الرعب من أنفلونزا الخنازير فى مصر يكرر مخاوف أنفلونزا الطيور. لكن الأمر أصبح لدى المصريين بمثابة احتراف المرض.. وخلال ربع القرن الأخير تحول الجسد المصرى إلى «غربال» من كثرة الثقوب فيه، يحارب على عدة جبهات.
وقد كشف المسح الصحى الأخير أن المصريين يواجهون أمراضا حديثة وقديمة، وشرسة مزمنة وحادة.. التهاب الكبد الوبائى، والفشل الكلوي، التى تقتل الآلاف سنويا. أما السرطان فهو الوحش الذى يهزم المصريين بالضربات القاضية.. بعد أن أصبح مرضا شعبيا يصيب كل الأعمار والفئات، الأغنياء والفقراء، لكنه أكثر خطرا مع الفقر.. وبجانب السرطان هناك الأمراض التقليدية وللمصريين نصيب منها. الضغط والسكر وأمراض القلب. وهى أمراض العصر التى تأخذ من المصريين الكثير.
وتتضاعف مع غياب التنظيم الغذائى والصحى، وعدم وجود نظام علاجى مناسب. وغياب خطط للمواجهة. وتضارب السياسات الصحية والعلاجية.
يضاف إلى هذه القائمة عدد من الأمراض ولدت مع اتساع دائرة استخدام المبيدات، خاصة المحظورة دوليا، والتى ضاعفت من أعداد مرضى السرطان والفشل الكلوى والكبدى. حيث وصل التلوث إلى الطعام والشراب، إلى الخضار والفاكهة، والماء. وهو تلوث بالأسمدة والمبيدات وأصبح المواطن المصرى محاصرا بعشرات الأمراض التى تدمر أجهزته وتنهش جهاز المناعة، وتجعله عرضة لمزيد من الأمراض المعدية والمدمرة، وحتى الأمراض التقليدية التى انتهت من العالم، لاتزال تهاجم المصريين، مثل السل والتيفود، والنزلات المعوية.
تلوث المياه والطعام، الخضار والفاكهة، كلها أسباب تقود إلى مضاعفة آلام المصريين، تدمر المناعة، وتضيف إلى فواتير العلاج المزيد، خاصة فى ظل نقص حاد فى نظام العلاج.
هناك أكثر من تسعة ملايين مصرى مصابون بالتهاب الكبد الفيروسى، حسب بيانات وزارة الصحة، وهو رقم مرعب يفترض أن يثير الخوف أكثر من أنفلونزا الطيور والخنازير، لأنه يقتل حوالى 20 ألفا سنويا، ويدمر حياة ما يتجاوز المليون، وبالرغم من إمكانية علاج المرض، فإن الفقر يقف حائلا أمام مواجهة الالتهاب الكبدى الفيروسى، وبدرجة أقل قليلا يأتى الفشل الكلوى ليحتل المرتبة التالية فى الخطر لالتهاب الكبد. ويتضاعف مع ازدياد تلوث المياه، وانتشار المبيدات التى تلوث المياه، وهناك 35 ألف مصرى يصابون بالفشل الكلوى سنويا. حسب المؤتمر الطبى للغشاء البريتونى الذى رصد آلام مرضى الفشل الكلوى فى الغسيل والعلاج.
22 ألف حالة وفيات سنويا من مرضى الأورام بينهم %10 من الأطفال من إجمالى 100 ألف حالة سرطان جديدة سنويا.
معدلات الإصابة السنوية فى مصر تبلغ 68 حالة لكل مائة ألف شخص، ومصر ليست الأسوأ هنا حيث تبلغ معدلات الإصابة فى بعض الدول 158 حالة بين كل 100 ألف، لكن نسبة العلاج والشفاء فى مصر لمرضى السرطان أقل من الدول المتقدمة وبعض الدول النامية. ولا يوجد رقم مؤكد لمرضى السرطان لكن الدكتور حسين خالد مدير معهد الأورام يحدده بـ300 ألف مريض تقريبا، حيث لا يوجد تسجيل قومى للمرض.
أسباب السرطان متعددة لكن الثابت أن التلوث والمبيدات التى تصل للطعام الشراب، تعد أخطرها يضاف إليها أسباب وراثية أو ذاتية، وأصبح السرطان مرضا يمكن علاجه فى العالم لكنه مايزال فى مصر صعبا ويمثل للفقراء ألما مضاعفا.
وزير الصحة حاتم الجبلى قال إننا أمام ثلاثة تحديات مهمة الآن، أولها ختان الإناث، أنفلونزا الطيور، التدخين، لكن خريطة المرض فى مصر تقول إننا أمام تحديات أكثر خطرا من أنفلونزا الطيور، أمام تحدى الكبد الوبائى الذى يبدو بعيدا عن مشاعر الخطر الرسمية، بالرغم من أنه يقتل الآلاف، الأمر نفسه مع الفشل الكلوى أو السرطان.
وإذا كنا نقدم هنا استعراضا لأمراض تواجه المصريين، فإننا نعرف أن العلاج فى ظل التقدم أصبح ممكنا، وأمراض مثل أمراض القلب أو السكر أو الضغط التى كانت قاتلة فى السابق أصبح علاجها ممكنا. ونفس الأمر مع السرطان. وبالتالى فإن المواجهة ممكنة، وبالفعل هناك بشر قادرون على هزيمة المرض بالإرادة، ومع توفر العلاج فى الوقت المناسب.
وهو ما يحتاج إلى سياسة علاجية تجمع بين العلاج العام والخاص وبرنامج تأمين صحى يشمل كل المواطنين، وترصد له طرق تمويل حاسمة.
المصرى مريض حتى تثبت صحته!
شعب تحالفت ضده الأمراض والأوبئة والملوثات
السبت، 20 يونيو 2009 01:43 ص
تصوير- محمد مسعد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة