أول مقال يكتبه الرئيس حسنى مبارك، اختار أن ينشره بصحيفة وول ستريت جورنال بعنوان "كيف ننجز سلاما فلسطينيا - إسرائيليا؟"، يتحدث فيه عن الأطر التنفيذية التى تحتاجها عملية السلام كى تتحرك، ويؤكد فيه على إيضاح الصورة للمجتمع الدولى، أن العالم العربى قد صدّق بالفعل على الاتفاقيات التى اتخذت فى عملية السلام، مشددا على أن "العديد من عناصر الحل قد تم التفاوض عليها بالفعل".
قال د.عماد جاد خبير الشئون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن المقال بصفة عامة يعد ردا إيجابيا على خطاب أوباما، أراد به الرئيس مبارك أن يقول إننا موافقون ومستعدون للعمل على الأسس الموضوعة للسلام، ألا وهى حل الدولتين، وإن القضايا الخلافية مثل ملف اللاجئين سيتم حلها بالتفاوض.
فى حين توضح د.هدى راغب أستاذ العلوم السياسية بجامعة مصر الدولية، أنه لا يوجد مواقف جديدة بمقال الرئيس، فهو يؤكد فقط أن عملية السلام تم حسمها منذ فترة ويؤكد على الشروط التى تم الاتفاق عليها من قبل مثل أن تتمتع كل دولة فى إطار حل الدولتين بسيادة كاملة وجيش وعاصمة، حيث ظهر مما سبق أن خارطة الطريق لا جدوى لها، وأضاف السفير نبيل فهمى سفير مصر بواشنطن أن توقيت الخطاب مناسبا للغاية، حيث كان من الضرورى أن يكون هناك طرح شامل للرؤية العربية لعملية السلام بعد خطاب الرئيس أوباما، وخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى نتانياهو، حتى لا يستغل الأخير الفرصة للمساس بالثوابت، خاصة وإيضاح أن القضية قضية احتلال أراضٍ، حيث يساعد التوقيت على حماية الحقوق العربية فى إطار مرحلة جديدة من التفاوض حول عملية السلام.
تطبيع الدول العربية مع إسرائيل بشكل كامل تحدث عنه مبارك بمقاله موضحا - وفقا لما تراه راغب - أن الدول العربية تعترف بالفعل بوجود إسرائيل وليست فى حاجة للاعتراف من جديد، فى حين يقول فهمى إن الرئيس كان واضحا فيما يتعلق بذلك، حيث ربط الخطوات التى تتخذ فى عملية التطبيع الكامل بالتسوية الكاملة والتطبيق للمبادرة العربية، وهو ما يختلف فى الرأى مع جاد الذى أشار إلى أن مقال مبارك يشير إلى أن الدول العربية مستعدة للتطبيع الكامل مع إسرائيل حتى قبل التسوية الشاملة فى حالة اتخاذ إسرائيل لخطوات إيجابية.
ضربة معلم لمخاطبة الغرب
لكن لماذا اختار الرئيس مبارك صحيفة هاجمت قبل شهرين الإسلام ووصفت غزواته بالقرصنة التى تقوم بها جماعات مسلحة إرهابية على سواحل الصومال، كما أن صاحبها روبرت ماردوخ إمبراطور الإعلام اليهودى له توجهات متشددة نحو العرب والمسلمين وجماهير تلك الصحيفة نفسها هم ممن لا يعترفون بأحقية الفلسطينيين بدولة مستقلة.
على الرغم مما سبق، يتفق خبراء الصحافة المصرية على أن الرئيس أصاب الاختيار، فلم يقصد الرئيس بكلمته العرب والمسلمين فهم يعون جيدا جهوده فى تلك القضية، ولكنه أراد أن يكسب هؤلاء المتشددين اليهود الذين يكوّنون "لوبى ضاغط" على سياسات الولايات المتحدة بالمنطقة
ويرى د.حمدى حسن مدير معهد الأهرام للصحافة صحيفة وول ستريت هى واحدة من أهم الصحف الأمريكية التى تؤثر فى دوائر صناعة القرار السياسى والاقتصادى فى الولايات المتحدة فالرئيس هنا أراد مخاطبة خصوم العرب والإسلام ليؤكد لهم أن الخصومة بين أمريكا والعرب ليست خصومة حضارية أو ثقافية ولكنها سياسية، فلقد كان مقاله رد على ما طرحه نتانياهو من تعنت ضد القضية الفلسطينية، كما أن الرئيس وجه مقاله للرأى العام الأمريكى الذى من الممكن أن يدعم القضية بقوة.
ويتفق مع هذه الرؤى الإعلامى الكبير أمين بسيونى، مؤكدا أن وول ستريت هى الأنسب لنشر هذه الكلمات، فلقد كانت المرة الأولى التى يكتب قيها خطابا موجها لليهود واللوبى الصهيونى والمتشددين من الجمهوريين، لذل كان لابد من نشر الرسالة فى المكان الذى نتأكد أن اليهود الذين يدعمون نتانياهو يتابعونها، ويضيف بسيونى أنه كان هناك تقدير واضح طوال السنوات الماضية للوصول للآخر واليوم فعلها الرئيس مبارك، ويثنى بسيونى على المقال، مؤكدا أن الرئيس كان منطقيا فى شرح القضية كما كان منطقيا فى اختيار الصحيفة بغض النظر عن توجهاتها.
الرئيس حسنى مبارك
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة