منذ أكثر من شهر تتردد أنباء عن حل مجلس الشعب والدعوة لانتخابات جديدة فى الخريف القادم، وقد بدأت هذه الأنباء بتصريح لوزير الشئون البرلمانية الدكتور مفيد شهاب لصحيفة "الوفد"، ومن بعدها لم نسمع تصريحا جازما ينفى أو يؤيد هذه الأنباء، بينما حرص المسئولون فى الحكومة والحزب الوطنى على ترك الأمور عائمة بتصريحات من نوعية، أن الأمر فى يد الرئيس وفقا للتعديل الدستورى الذى منح الرئيس صلاحية حل مجلس الشعب دون العودة إلى الناس وإجراء استفتاء عام.
حاولت كثيرا من مصادر مسئولة التثبت من هذا الموضوع وفشلت أيضا، ولم أخرج سوى بنفس الإجابات العائمة، وقد يعنى ذلك أن قرار الحل لو كان موجوداً فهو معروف لعدد محدود من قيادة الحزب والحكومة الممسكة بصناعة القرار السياسى فى هذا البلد.
لكن هذا لا ينفى وجود الكثير من المؤشرات الدالة على إمكانية حل مجلس الشعب خلال العطلة الصيفية، منها الإسراع بتمرير تعديل قانونى يخصص مقاعد للمرأة فى الانتخابات المقبلة، وحين عرض مشروع القانون على الرئيس قبل أسبوعين وطلب إجراء تعديلات عليه انتهت هذه التعديلات فى 72 ساعة، ثم دخل القانون إلى مجلسى الشعب والشورى، وأجيز أيضا خلال ثلاثة أيام.
هناك أيضا التحركات الجارية داخل حزبى التجمع والوفد استعداداً للترشيح للانتخابات، وهذه هى المرة الأولى منذ عودة الحياة الحزبية التى تهتم فيها أحزاب المعارضة بانتخابات مجلس الشعب قبل الانتخابات بنحو 15 شهراً، مما قد يؤشر إلى وجود معلومات لدى الحزبين، وبناء عليها تجرى تحركات وترتيبات لإعداد قوائم المرشحين.
وفى ضوء قراءة المشهد السياسى الراهن، وليس استناداً لمعلومات، أتصور أن هناك عملية إعادة ترتيب للوضع السياسى فى مصر، وذلك عبر انتخابات برلمانية جديدة، يعقبها إعادة تشكيل مجلس الوزراء، لوضع حد للخلافات الكبيرة داخله، وانقسامه إلى مجموعات يقود كل مجموعة وزير يسعى للفوز بمنصب رئيس الحكومة، مما أدى إلى انقسام فعلى داخل الحكومة التى لم تعد تتصرف كفريق واحد.
وفى تصورى أن ذلك لو حدث بنفس السيناريو الذى يتردد داخل دوائر النخبة الحاكمة، فإن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية ساخنة، لكن تشكيلة مجلس الشعب الحالية، والتى يقود فيها الإخوان المعارضة بستة وثمانين مقعداً قد تتغير كثيراً، وقد نرى نسبة تمثيل أكبر للوفد والتجمع والمستقلين.
وفى تصورى أيضا أن حصيلة الإخوان فى الانتخابات المقبلة ستشهد تراجعاً لعدة أسباب منها: الآداء الضعيف لعدد من نواب الإخوان فى البرلمان الحالى، وإجراء الانتخابات تحت إشراف قضائى منقوص، ولتأثر مصر برياح الاعتدال السياسى التى تضرب المنطقة كلها، وما شهدناه من تراجع حصة الإسلاميين فى الانتخابات البرلمانية الكويتية والمحلية المغربية، وفشل المعارضة اللبناينة فى التحول لمقاعد الحكم.
وفى كل الأحوال سواء تم حل مجلس الشعب أم لا، فإن الصيف الحالى سيشهد تغييرات درامية فى الخريطة السياسية المصرية، صحيح أن الحزب الوطنى الحاكم لن يترك مقاعد الحكم، لعدم وجود أحزاب شرعية تتمتع بالشعبية والقدرة على إلحاق الهزيمة به، أو بسبب تحكم المال والعائلات إلى حد كبير فى حسم نتائج الانتخابات خاصة فى الدوائر الريفية التى تشكل أغلب مقاعد البرلمان، أو بسبب نسب التصويت الضعيفة فى أى انتخابات داخل مصر، أو حتى بسبب الإشراف القضائى المنقوص على الانتخابات القادمة .. لكن تغييرات مثيرة قد تكون واردة ومحتملة.. وربما أقرب مما نتصور جميعا.