بعد 10 أيام فقط ومع بداية شهر يوليه تعود أزمة الفلاحين مع بنك التنمية والائتمان الزراعى مرة أخرى.. وتفتح سجون مصر أبوابها لاستقبال ما يزيد على 140 ألف فلاح من المتعثرين للبنك، وذلك مع انتهاء مهلة جدولة وسداد الديون التى أقرتها مبادرة الرئيس مبارك بإسقاط 50% من مديونيات المتعثرين منهم لأقل من 25 ألف جنيه وجدولة ديون المقترضين لأكثر من 25 ألف جنيه.
وزير الزراعة أمين أباظة هدد الفلاحين بالسجن واتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كل من تسول له نفسه بعدم السداد، وهو ما أكده فى المؤتمر الصحفى الذى عقده قبل يومين على هامش افتتاح المركز النموزجى للزراعة الآليه بدمنهور، مشيرا إلى أن فرصة السداد لا تزال قائمة وأنه إذا كان لدى المتعثرين أمل فى مد المهلة مرة أخرى، فهذا غير مطروح بالمرة وأن مبادرة الرئيس مبارك هى آخر المبادرات للمتعثرين وهى فرصة لن تتعوض.
وحسب تصريحات وزير الزراعة فإن عدد المتقدمين للسداد حسب المبادرة لا يزيد على 48 % من جملة الفلاحين المتعثرين أى أن هناك 52% منهم لم يبادر بالسداد، فهل يمكن أن تقوم وزارة الزراعة باتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم كما قال أمين أباظة؟
الدكتور شريف فياض– أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء، أكد على وجود جريمة ترتكب فى حق عشرات الآلاف من الفلاحين إذا لم تسقط عنهم الحكومة مديونياتهم باعتبارهم من الفقراء، وليسوا من رجال الأعمال، وطالب بأن تكون الضمانات المطلوبة من البنك لتحرير القروض لا تشتمل على الحيازات الزراعية سواء الأرض أو الحيوانات المزرعية أو المسكن، ويكون الضمان جزءا من المحصول .كذلك على البنك أن يقدم القروض العينية لتوفير مستلزمات الإنتاج لمنع المتاجرة فيها على حساب الفلاحين، كما يجب على الحكومة الالتزام بأسعار الضمان لحماية المزارعين من المخاطر التى قد يتعرضون لها.
وذكر أن مشكلة تعثر الفلاحين عن السداد ناتجة عن انحراف بنك التنمية والائتمان الزراعى عن الهدف الذى أنشئ من أجله، وهو دعم صغار المزارعين وحمايتهم من المرابين وتحوله إلى بنك تجارى.
واقترح الدكتور أسامة البهنساوى أستاذ الاقتصاد الزراعى، كلية الزراعة بالقاهرة، جامعة الأزهر، إجراء برامج تعديلات هيكلية تقوم على اعتراف الدولة بفشل وسوء الإدارة الاقتصادية للبنك وفرض إعادة هيكلته. وأضاف "ينبغى تطوير السياسة الزراعية والائتمانية فى مصر، فمنذ عام 1976 لم يتضح أى تخطيط لرسم سياسات واضحة، ولم تتمكن الدولة من تنسيق الصلة بين السياستين".
قال البهنساوى، إن القطاع الزراعى رغم أهميته،رفعت الدولة دعمها عنه، حيث كانت تتحمل ما يقرب من نصف الاستثمارات الزراعية تحولت عن ذلك واسندت الأمر إلى القطاع الخاص، فأصبحت الاستثمارات الزراعية الحكومية بقطاع الزراعة 33% فقط. فضلا عن أن التسهيلات المصرفية والائتمانية التى تقدمها الحكومة لمساندة الفلاح تقلصت إلى حوالى 2.2 % فقط.
وأشار البهنساوى إلى أن تصريح وزير الزراعة بالتهديد بتحريك الدعوى القضائية ضد الفلاحين تمهيدا لحبسهم، يضعه موضع الرجل غير المسئول لأنه يهدد السلام والأمن الاجتماعى، ويساعد على مزيد من تدهور الإنتاج الزراعى واستفحال الفجوة الغذائية، وزيادة الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وعدد البهنساوى أسباب تراكم المديونية، حيث ذكر أن هناك أسبابا ترجع للبنك وأخرى للفلاح، فمن جانب البنك أشار إلى الفساد الإدارى للموظفين بالبنك، ونقص المعلومات التى يحصل عليها من العملاء، وعدم القيام بالدراسات الائتمانية اللازمة، وعدم اتباع سياسات حافز الربح. أما من جانب العملاء فهو عدم الالتزام بالإرشادات البنكية، وإخفاء البيانات اللازمة عن إدارة البنك، وتعنت بعض العملاء عن السداد. ذلك إلى جانب الأسباب الناتجة عن الظروف الأخرى كالتقلبات السوقية وزيادة تكاليف الإنتاج، وتعدد أسعار الصرف وتباين القوانين الضريبية التى تهدد قدرة المنتج عن السداد.
وطالب البهنساوى بإعطاء فرصة للفلاحين بوقف إصدار الحكم بسجنهم حتى تشكل لجنة من الشئون الاجتماعية تبحث حالة العملاء، وقدرتهم على السداد، وإسقاط المديونية عن المتعثرين بالكامل، خاصة وأن حبس 140 ألف مزارع مصرى سوف يهدد الأمن الغذائى للمجتمع كله.
تجدد أزمة الفلاحين مع بنك التنمية والائتمان الزراعى والسجون تستعد لاستقبال 140 ألف متعثر
السبت، 20 يونيو 2009 12:21 م