هل نريد اليونسكو؟ هل يهم أن يكون مصرى على رأس منظمة دولية؟ هل كان وجود الدكتور بطرس غالى أمينا عاما للأمم المتحدة أمرا مفيدا للعرب.. وهل أضرهم؟ وما فائدة السعى لمنصب دولى؟ أسئلة كثيرة تحدد الإجابة عليها الموقف أو الموقف المضاد لترشيح فاروق حسنى لليونسكو.. لأن من يريد أن يلعب لعبة عليه أن يعرف قواعدها، وأول قواعد السياسة ألا تقول الحقيقة كاملة، يعنى تكذب، أما الحديث عن المبادئ وانتخبوا رجل المبادئ فهو كلام للاستهلاك الجماهيرى.. ولا يوجد سياسى ناجح لا يجيد المناورات.
نقول ذلك بمناسبة اعتذار فاروق حسنى للخارج والداخل، وكونه يراجع نفسه ويمشى على حبل مشدود، إذا أعلن الإسرائيليون واليهود غضبهم سارع بالاعتذار لهم عما بدر منه من تصريحات عن حرق كتب أو منع إسرائيل من المشاركة فى معرض الكتاب ولو أغضبت تصريحات حسنى المثقفين، فغضبهم ليس مهما واليونسكو منصب دولى يحتاج مناورات دولية، بينما وزارة الثقافة منصب محلى يتطلب مناورات محلية ولكل مرحلة مناوراتها.
فاروق حسنى رجل يجيد العمل السياسى ومستعد لدفع ثمن بقائه فى السلطة. والسؤال هل نريد فاروق حسنى فى اليونسكو؟ إذا كان المنصب الدولى مفيدا لمصر فمن الطبيعى أن يلعب فاروق بكل الأوراق، حتى لو اضطر لتقديم اعتذار لليهود. على تصريحاته السابقة وسياساته التى منعتهم من حضور معرض الكتاب. أما قوله إنه كان ينفذ سياسات فهذا صحيح، فهو وزير فى نظام سياسى، وعليه أن يحتفظ بمكانه فيه وأن يقدم ثمن ذلك. حتى لو أغضب البعض. أما الذين لا يريدون المنصب من الأصل ولا يجدون له فائدة، فهؤلاء لن تفيد موافقتهم أو رفضهم فى الموضوع.
سنوات طويلة تمرس فيها فاروق حسنى على العمل السياسى وأجاد فهم نقاط الضعف والقوة لدى المثقفين من خصومه ومؤيديه، يمسك دائما شعرة معاوية، التى تعنى المناورة، لا أحد يقول الحقيقة كاملة، ولا أحد يريد الحقيقة كاملة، وبالتالى فالسياسة هكذا دائما. ومن يريد المنصب عليه أن يعى ذلك، أما إذا زهد فى المناصب فهو حر فى أن يتبنى ما شاء من المواقف المجانية. وغضب المصريين ليس له وزن فى معركة اليونسكو، بل الأهم رضا اليهود وهم من هم فى توازنات القوة ليس لكثرة عددية ولكن فى قدرة على التنظيم والسعى إلى قضاياهم بعد تحديدها جيدا وترتيب الأولويات. وهى أمور لا يجيد العرب صنعها، وإن كانوا يجيدون العمل ضد أنفسهم وبعضهم.
فاروق حسنى يريد اليونسكو لنفسه أولا، ومستعد لتقديم مسوغات الوجود فى هذا الموقع . حتى لو كان هذا سيغضب البعض أو يثيرهم. وهو يعرف أن هناك من سوف يغضب، ومن لا يهتم بالمنصب الدولى ولا يرى فرقا بين وجود مصرى فى موقع دولى أو عدم وجوده. وهناك من لا يريد وصول فاروق أو غيره للمنصب أصلا، وهؤلاء سوف تجدهم يضخمون من التصريحات وينفخون فى رد الفعل عليها.
وعلى الذين يريدون مساندة فاروق حسنى أن يعلموا أن المناصب لها ثمنها وألا يتوقفوا كثيرا عند مناورات هم أول من يعلم أنها ضرورية وأساسية ولا غنى عنها. أما الغضب الممزوج بعتاب فليس له محل من السياسة. فأما أن تريد أو ترفض.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة