محمد حمدى

تعليم على واحدة ونص

الثلاثاء، 02 يونيو 2009 02:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى يومين متتاليين نشرت "روزاليوسف" خبرين غاية فى الغرابة والأسى، الأول يتحدث عن إيقاف أستاذ بجامعة جنوب الوادى بقنا ستة أشهر عن العمل، لأنه كان يشترط على طالباته الرقص الشرقى فى مكتبه للحصول على تقدير امتياز فى مادته، وطبعا تتحدد درجة الطالبة وتقديرها بناء على براعتها فى الرقص الشرقى، أو حسب استمتاع السيد الأستاذ الذى حول الجامعة إلى كازينو ليلى.

الخبر الثانى فى اليوم التالى مباشرة عن سؤال فى امتحان نهاية العام فى هندسة القاهرة يطلب فيه واضع الامتحان من طلبته رسم راقصة شرقية ترتدى بدلة الرقص بالألوان، ولم يعرف الطلبة ما هو المطلوب؟.. هل المراد نشر ثقافة عامة بين طلبة الجامعات بأصول الرقص الشرقى وملابس الراقصات أم ماذا؟

قبلها بيومين أيضا نشرت "الوفد" خبراً لمراسلها فى الكويت عن قرار وزارة التعليم العالى الكويتى بمنع التحاق الطلبة الكويتيين بالجامعات الخاصة المصرية، واستثنت الوزارة كليتين فقط، وحين اتصل برنامج "البيت بيتك" بوزير التعليم الباشمهندس هانى هلال، قال إنه فى انتظار خطاب رسمى من وزارة التعليم الكويتية لمعرفة الأسباب قبل التعليق.

بالطبع لم يكن الوزير فى حاجة لأى انتظار فالأسباب معروفة، وتحدث عنها الجميع من قبل، وهى عدم توافر شروط الجودة، ومن أبرزها مثلاً أن كليات الطب فى الجامعات الخاصة لا يوجد بها مستشفيات أو معامل، ما يعنى تخريج أطباء لم يسبق لهم ممارسة المهنة.

وقبل ذلك أيضاً نشرت جميع الصحف ووسال الإعلام المصرية عدة تقارير ومقالات عن خروج الجامعات المصرية من تصنيف أفضل خمسمائة جامعة على مستوى العالم، وقامت الدنيا ولم تقعد، بينما لم يتقدم ترتيب الجامعات المصرية قيد أنملة، إن لم تكن قد واصلت التراجع.

التعليم الجامعى فى كل أنحاء العالم علاقة بين ثلاثة أطراف: أستاذ وطالب ومكتبة، بما يعنى أن الأستاذ يحدد الملامح العامة للمنهج، ويلقى محاضرات عامة، ويطلب من الطلاب إجراء بحوث دورية حول المقرر، تستدعى التواجد والبحث العلمى فى المكتبة، ثم العودة لقاعة المحاضرات لمناقشتها.

وحينما كنت طالباً فى جامعة القاهرة من عام 1980 حتى 1984 كانت أكبر مشاكلى ليست فى شراء الكتب التى يقررها بعض الأساتذة، وإنما فى تحول المحاضرات إلى حصص إملاء، حيث يدخل الأستاذ ليبدأ إملاء المقرر، ونظل نكتب ما يقوله لمدة ساعتين، ومن يحفظه يحصل على أعلى الدرجات.

ورغم مستوى التعليم الجامعى المتدنى، لم تكن الأمور قد وصلت إلى الرقص الشرقى كما حدث فى جامعتى جنوب الوادى والقاهرة، كانت الجامعة لا تزال تحافظ على وقارها، أما الآن وفى ضوء هذا التحول المثير، أصبح التعليم على واحدة ونص، وبدلاً من التفكير فى المستوى العلمى للخريجين ومحتوى المناهج، والمدرجات المزدحمة التى تنافس أتوبيسات النقل العام، علينا أن نفكر فى تسليح أبنائنا قبل إرسالهم للجامعات بالأدوات الموسيقية الشرقية مثل الطبلة والرق والصاجات.

وبدلا من أن نقول كما قال أمير الشعراء أحمد شوقى: قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولاً، علينا أن نستبدل هذا الشعر العربى الجميل بمقولة حسن سوسكة: والنبى على حجرك دلعنى .. رقص الجامعة مولعنى!

ولا عزاء لوطن استبدل العلم بالرقص.. ولم يعد يفكر بدماغه، وإنما بوسطة!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة