سمعت مصطلح (التطييف) لأول مرة من البروفيسور الدكتور أنطوان مسرة أستاذ الإعلام بالجامعات اللبنانية، حيث شاركت مؤخراً فى ورشة عمل بالعاصمة اللبنانية بيروت دارت حول موضوع (الإعلاميون والسلم الأهلى)، نظمها منتدى التنمية والثقافة والحوار والذى يرأسه الدكتور القس رياض جرجور، وحضرها مجموعة من الإعلاميين من لبنان وفلسطين والعراق ومصر، من مختلف الاتجاهات والانتماءات.
كان الدكتور مسرة يقصد بمصطلح (التطييف) إعطاء طابع طائفى لقضية غير طائفية، وهو عنده الأمر الذى يحدث فى الإعلام العربى، ويمثل بدوره مشكلة يقع فيها الإعلاميون، ويهدد السلم الأهلى وهدوء المجتمع وأمنه.
وبالتطبيق على المشهد الإعلامى الراهن فى المجتمع المصرى، فإن هناك تطييفاً من قبل بعض الإعلاميين وبعض المؤسسات الإعلامية لعدد من القضايا التى لا تستحق التطييف. وقد يكون هذا المسلك رغبة من الإعلامى ومؤسسته فى زيادة التوزيع وجذب المزيد من القراء والمتابعين.. إلخ.
إنه من الغريب حقاً أن يحدث خلاف أو شجار بسيط بين رجل مسلم وآخر مسيحى حول أحد أمور الحياة اليومية من بيع وشراء أو غير ذلك، ليتحول الحدث ودون مبرر منطقى إلى خلاف بين مسلم ومسيحى، وربما يتطور ليصبح خلافاً بين الإسلام من جهة والمسيحية من جهة أخرى.
ولعل من أبرز الأمثلة الحديثة التى يمكن الاستشهاد بها هنا فى هذا السياق قضية أنفلونزا الخنازير التى اجتاحت أكثر من أربعين دولة، وصارت أزمة عالمية مخيفة لكثيرين، ومن ثم كان قرار الرئيس مبارك بذبح جميع الخنازير، وهو ما اعتبره البعض اضطهاداً صريحاً للأقباط فى مصر على اعتبار أن معظم العاملين فى هذه الصناعة هم من الأقباط، حيث ظهرت أقلام تؤيد هذه الفكرة وتدعم هذا الاتجاه. وهو فى رأيى اتجاه لا أساس له من الصحة، حيث باتت تلك المشكلة أزمة عالمية من جهة ومن جهة أخرى قضية أمن قومى من حيث تعلقها بصحة المواطن المصرى. وهكذا من قضية لاطائفية إلى قضية أخذت بعداً وطابعاً طائفياً وما يمكن أن يترتب بالتالى على ذلك من تهديد لوحدة المجتمع وسلامته وضرر الجميع.
وبذلك فقد ساهمت تلك الأقلام - غير المسئولة فى رأيى - فى تأجيج الصراع وزيادة الاحتقان بين أبناء الوطن الواحد من أهل مصر. وإن كان من حق كل كاتب أن يفكر ويستنتج ويقدم لنا رأياً نتفق معه أو نختلف، إلا أنه لابد وأن يدقق كل كاتب فيما يكتب، وأن يضع سلام المجتمع نصب عينيه.
إن الإعلاميين عليهم دور مهم فى تنمية المجتمع والنهوض به، ومن ذلك أن يعوا جيداً أن الكلمة مسئولية ورسالة فى المقام الأول، ومن ثم ضرورة الالتزام بالصدق والدقة والشفافية والموضوعية فيما يكتبون، وأن يساهموا فى تحقيق السلام ونشر قيم التعاون والتحابب وقبول الآخر والعيش المشترك، وغيرها من القيم الإنسانية الراقية التى تساهم فى تحقيق استقرار المجتمع ونهوضه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة