مدحت أنور نافع يكتب: إرادة الشعوب وإدارة الخطوب

الجمعة، 19 يونيو 2009 10:56 ص
مدحت أنور نافع يكتب: إرادة الشعوب وإدارة الخطوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما تتحرك إرادة الشعوب تجاه أمر ما، تصدأ السيوف فى أغمادها، وتتضاءل جميع السلطات أمام سلطة الشعب. نجحت فئة من الجماهير الإيرانية فى فرض إرادتها على سائر سلطات الدولة بركنيها الدينى والمدنى، حيث انطلق مؤيدو "موسوى" المرشح للرئاسة فى الانتخابات الإيرانية التى أجريت منذ أيام مناهضين لما وصفوه بعمليات التزوير الواسعة للانتخابات، بما يشمله ذلك من ممارسات قمعية على أبواب اللجان الانتخابية وممارسات أخرى تشمل شراء الأصوات، بالإضافة إلى شبهة التدليس فى عمليات الفرز. ربما اختلف البعض حول المسلك العنيف الذى سلكته جماهير المعارضة للتعبير عن غضبها وممارسة حقوقها فى إعادة المرشح الإصلاحى إلى سدة الحكم، بعد سنوات اقتصادية عجاف وسياسية مثيرة للجدل والخلاف تربع خلالها الرئيس "أحمدى نجاد" على كرسى الرئاسة فى بلاد فارس. ولكن النظرة الموضوعية لتصاعد الأحداث فى إيران، تؤكد أن الديموقراطية تفرض نفسها وبقوة على أية دولة أو حتى إمبراطورية يتمتع سكانها بشىء من العناية والحرص على مقدرات الأمور فى بلادهم. هذا الحرص الذى لا يترك فراغاً لكلمة "وأنا مالى" فى قاموس الحركة الوطنية للشعب الحر. فالإرادة الحرة للجماهير كما أنها لا توهب فإنها أيضاً لا تنمو فى أرض موات رضى سكانها بمزاحمة الموتى فى القبور ومؤاكلة الأنعام فى القدور.

ومن وحى الأزمة الإيرانية الحالية تبدو أيضاً ملامح إيجابية لإدارة الأزمة فى البلاد. فالجناح المتهم بالتزوير أو التواطؤ مع المزوّرين لم تأخذه العزة بالإثم ولم يصر أقطابه على ما فعلوا وهم غافلون، فتشتعل الحرب الأهلية بين المواطنين أو يمارس القمع العنيف للمظاهرات بغير حدود. فقد تم تقييم الوضع بحنكة وسرعة، وبدا أن إعادة فرز الأصوات الانتخابية هو الحل العاجل للأزمة وأن إعادة الانتخابات يظل حلاً مطروحاً إذا ما ثبتت مخالفات أخرى تتعلق بتزييف أو كبت إرادة الناخبين فى الإدلاء بأصواتهم.

النموذج الإيرانى ليس بالقطع هو النموذج الأمثل للديموقراطية التى نطمح إليها، كما أن الوالى الفقيه لم يكن يوماً بديلاً مناسباً للإله الحاكم فى مصر على اختلاف العصور، ولكن هذه الومضات تؤكد أن للقهر والاستبداد حدوداً وللحرية والديموقراطية جنوداً تسلحوا بإرادة التغيير وشعور كل واحد منهم وهم القلة أن فى استطاعته توجيه دفة البلاد لما يراه خيراً.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة