عندما سئل الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر عن السبب الذى يجعل المؤسسة الدينية الأكثر تأثيرا فى مصر تتجاهل إصدار فتوى بتأجيل العمرة وإلغاء الحج هذا العام بسبب مخاوف انتشار أنفلونزا الخنازير، كان رده حينها "نحن ننتظر خطابا رسميا من وزارة الصحة فى هذا الشأن ولا نريد أن نثير الهلع بين الناس بفتوى مبكرة كهذه" .. إلا أن مجريات الأمور لم تجعل الشيخ ينتظر كثيرا، فها هو وزير الصحة يرسل خطابا لدار الإفتاء المصرية يتساءل فيه حول "إلزامية" الحج والعمرة فى حالة اشتداد الوباء، وهو مارد عليه المفتى بأنهم أيضا ينتظرون ما سماه " الرأى الطبى" لمنظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة الإقليمية فى هذا الشأن.
ووسط هذه الدائرة من التسويف تتزايد المخاوف من ضياع هذه الفتوى التى علت الأصوات تطالب بها، فى دوائر الخطابات الرسمية بين وزارة الصحة والأزهر ودار الإفتاء، لتبقى المخاوف من ذهاب أكثر من 75 ألف حاج مصرى إلى الأراضى المقدسة يذوبون وسط ما يقرب من 3 ملايين من الدول الإسلامية الأخرى، يصبحون بدورهم بيئة جيدة لنشر هذا الوباء، إلا أن هذه المخاوف لم تفلح فى أن تثنى رجلا مثل الشيخ عبد الحميد الأطرش عن قوله بأن هذا الأمر يحتاج فتوى رسمية بالفعل ولا يصلح فيه الاجتهادات الفردية، حتى ينتهى كل هذا الجدل.
الجدل الذى تحدث عنه الأطرش لا ينتهى، فى نظره، إلا بخطاب محدد من وزير الصحة يقول فيه إن مرض أنفلونزا الخنازير تحول إلى وباء، وأيضا لابد أن تعترف السعودية بهذا، فهو أمر ليس هينا أو مجرد فتوى تقال والسلام، مشيرا إلى أنه عندما يحدد وزير الصحة درجة المرض بدقة حينها يستطيع مجمع البحوث أن يصدر فتوى واضحة، أما إذا لم يحدث هذا فيمكن أيضا للجميع أن يستند إلى رأى منظمة الصحة العالمية ووزير الصحة السعودى.
دخول السعودية كطرف ثالث هنا أمر حتمى، يؤكده الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث، الذى يرى أن فتوى كهذه لابد أن يسبقها طلب من السعودية بصفتها الدولة التى تتولى مسئولية الحج، كما أنها ستستقبل كل هذا العدد من البشر على أراضيها، فمن حقها أن تقرر متى يمكن إلغاء الحج أو تعطيل العمرة.
النجار أيضا أكد أنه إذا ما أصدر مجمع البحوث الإسلامية فتوى فى هذا الشأن، لابد من الاتزام بها بغض النظر عن رأى السعودية، لأن درجات المرض تختلف من بلد لآخر، وهو القول الذى أيده فيه الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة بالأزهر، والذى أكد أن هناك جهتين فقط يحق لهما إصدار هذه الفتوى، إما مجمع الفقه الإسلامى أو مجمع البحوث الإسلامية، ولابد أن يكون الرأى فيهما بالإجماع، بعد العودة للأطباء.
الإجماع بين علماء الأزهر على عدم التعجل بإصدار هذه الفتوى يتناقض مع حالة القلق السائدة بين الناس، فمعظمهم حائر بين أداء الفريضة وبين الحفاظ على النفس، إلا أن المشايخ يصرون على التأنى فى انتظار خطابات رسمية لا أحد يعلم متى ستأتيهم.
لمعلوماتك
30 عدد المصابين بمرض أنفلونزا الخنازير حتى أمس الخميس بحسب إعلان وزارة الصحة.
المفتى يتعلل برأى الجبلى..والأخير لم يحدد درجة الوباء بعد ..
قرار "حائر" بين وزارة الصحة والأزهر يهدد حياة نصف مليون حاج ومعتمر مصرى على جبل عرفات
الجمعة، 19 يونيو 2009 10:59 ص
الجبلى ينتظر الفقهاء.. أم العكس؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة