فى مكان صغير بالزمالك يخشى أصحابه أن يجعلوك تصعد على السلم الحقيقى لمدخل العمارة لأنه ملىء بالمهملات والمقاهى الشعبية، فيلجأون إلى الصعود من باب خفى مظهره يمكن أن يوحى بجمال المكان المقصود «الورشة»..
هناك يستقبلك إيهاب الطوخى، مدرس مساعد بقسم النحت بكلية الفنون الجميلة ورئيس مجلس إدارة جمعية الورشة، ومجموعة من الشباب الفنانين المتطوعين، عندما يتحدثون عن أنفسهم، تسمع: «إحنا مجموعة شباب نفسنا نعمل حاجة إيجابية ونفسنا نثبت للناس إن الفنانين مهما كانوا صغيرين أو كبار مش مجانين زى ما الدراما والسينما بتظهرنا دايما وإحنا مش منفصلين عن العالم إحنا لينا فى الخير والنشاط الاجتماعى».
بدأت فكرة «الورشة» حينما قرر إيهاب فى عام 2000 أن ينشئ جمعية ليس لها أى توجه دينى أو سياسى تعمل فى التنمية بالفن حتى تم إشهارها بالفعل فى 29 أكتوبر 2008، يقول: «الفن هو المسئول عن تحويل القبح إلى جمال عشان كده إحنا نقدر نغير بالفن، وممكن نبقى أحسن ناس لو عرفنا نلبس، ونشوف ونتعامل مع بعض كويس يعنى إحنا بنصنع من المهملات أعمالاً فنية، وبننزل نرسم فى أماكن فقيرة جدا زى باب الوزير، والسكاكينى مثلا بس بنطلع منها لوح حلوة أوى». وعن أنشطة «الورشة» يقول إيهاب إنها تتمثل فى الاهتمام بالأيتام والمعاقين ذهنيا ومرضى التوحد، ومساعدتهم على العلاج عن طريق الفن، فمثلا قمنا بعمل مشروع سميناه «لترضى» حول تعليم الأيتام، سلوك مهذب سواء باستخدام مسرح العرائس الذى نوصل من خلاله قيما للأطفال غير مباشرة أو المالتى ميديا، والأفلام، والنحت، والرسم، والتمثيل، ونقوم بهذا بشكل دورى أسبوعياً حتى نستطيع تغييرهم إلى الأفضل، وبالفعل قمنا بذلك منذ أن كان الأطفال فى سن الخامسة وحتى وصولهم للحادية عشرة من عمرهم، ويحكى إيهاب عن شاب مريض بالتوحد اندمج معهم فى أنشطة الورشة حتى أصبح عنده 23 سنة وتطورت حالته بشكل ملحوظ.
هذا بالإضافة إلى مساعدة الأسر الفقيرة بإعطائهم مرتبات شهرية وعلاجا، وتجهيز عرائس، بجانب تعليمهم حرفة يدوية يستطيعون من خلالها صنع منتج مصرى تطلبه السوق، وتوفير فرص تسويقية لبيعها: «وبهذا نكون قد ساعدنا الفقير وأيضا ساعدنا فى تنمية الصناعة المحلية فى البلد بدلا من استيراد كل شىء من دول أخرى كالصين، فنحن نمتلك حرفة وعلما ونريد أن ننفع الناس به».. الفن حرام أم حلال؟ هذا ليس لنا دخل فيه، ولكن كل ما نطمح إليه «أن الناس تفهم عشان بعد كده هما اللى يحكموا، يعنى لو الناس فهمت يعنى إيه مزيكا وسينما وعمارة مش هيسمحوا لحد إنه يقدملهم حاجة وحشة، يعنى لما أعرف قيمة الزبالة اللى فى الشارع إنى ممكن استغلها وأعمل منتج وأكسب فلوس، عمرى ما هارميها فى الأرض وده دور الفن».
أيضاً تقوم الورشة كما يقول إيهاب بعمل كورسات لتعليم الأطفال الرسم، وكورسات دعاية وإعلان للكبار بربع ثمنها فى المراكز الكبرى وبنفس كفاءة المحتوى، لندفع نصف المبلغ للمحاضر والنصف الآخر لنشاط الجمعية فأكثر مشكلة نواجهها هى التمويل، فليس لنا دخل من أى جهة ونعتمد على تبرعاتنا الشخصية كمصدر أساسى وعلى منتجاتنا التى نصنعها ونبيعها فى الكلية للصرف على الجمعية.. ونحن فى حاجة إلى راعٍ للورشة لأننا فى مصر نركز على رعاية الرياضة، ولكن الفن والثقافة ليس لهما نفس الحظ، بالإضافة إلى أننا نواجه مشكلة المكان، فليس لدينا مقر للورشة يستوعب أنشطتها، ولكننا مع كل هذا لدينا من الإصرار ما يعيننا على هذه العقبات.
الجمعة من كل أسبوع، هو يوم مميز للورشة فهذا هو يوم ورش النحت والرسم لمعالم مصر فيختارون أماكن فقيرة حتى يجتمع حولهم الأطفال فيطلبوا منهم المشاركة فى الرسم، وهنا يبدأ دورهم فى تعليمهم بعض القيم ومعرفة مشاكلهم للمحاولة فى مساعدتهم فتنشأ بينهم صداقة تجعلهم يجتمعون أسبوعياً، حتى أن بعض الأطفال يطلبون منهم تعليمهم الكتابة لأن التعليم فى مدارسهم ردىء للغاية، وبهذا يكون للفن دوره فى التنمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة